samedi 9 février 2013



a.. TAHAR EL HADDAD      

LE DROIT POSITIF ET LA FEMME TUNISIENNE
par HEDI KERROU

بعد ثمانين سنة من صدور كتاب الطاهر الحداد
"إمرأتنا في الشريعة والمجتمع"
***
إمرأة الحداد في قانونها الوطني
                                                بقلم الهـادي كـرّو

وضع الطاهر الحداد في آخر القسم التشريعي من كتابه "إمرأتنا في الشريعة والمجتمع" إثني عشر سؤالا عن مقام المرأة والزواج في الإسلام وجهها إلى علماء عصره في الفقه والقضاء ونشر نص أجوبتهم قائلا:
" رغبنا الجواب عليها منهم حتى نعرف موقفنا وأين نحن من الإصلاح الذي يلزم إجراؤه في القضاء لفائدة العدالة ونهوض المرأة 
"
وبناءا على ملاحظة أكد بها صاحبها:" أنه إن ما كان ما نادى به الحداد هو دون ما جاء في الإسلام من الحقوق الإجتماعية والإنسانية بوجه خاص فإنما تضمنه التشريع التونسي بعد الإستقلال من حقوق للمرأة هو دون ما نادى به الحداد" (1)
أنا بدوري أطرح أسئلة الطاهر الحداد كما هي على القانون التونسي بعد ثمانين سنة(2) وأبحث لديه عن الجواب عليها وأعلق على السؤال وعلى الجواب بما يوضح عند الإقتضاء الموقف الخفي لكل من السائل والمجيب وأترك في النهاية تقدير موقفنا وأين نحن والقانون من الإصلاح الذي يتطلبه مقام المرأة والزواج وما تبقى من الإصلاح الذي يلزم إجراؤه في القضاء لفائدة العدالة ونهوض المرأة لمن يريد ذلك.

السؤال الأول

 هل للمرأة حق إختيار الزوج وهل لوليها ذلك ولمن تكون الكلمة الأخيرة ؟

الجواب على السؤال الأول

نعم للمرأة وحدها حق إختيار الزوج في كل الحالات لأن الزواج لا ينعقد إلا برضاها حسب الفصل 3 من مجلة الأحوال الشخصية.
إن كانت رشيدة تتولى المرأة زواجها وحدها وإذا لم تبلغ سن الرشد القانوني وهي عشرون سنة كاملة فإن زوجها يتوقف على موافقة الولي وإن إمتنع من الموافقة لزم رفع الأمر للحاكم حسب الفصل 6 من مجلة الأحوال الشخصية.
وفي النهاية فإن للمرأة الكلمة الأخيرة في إختيار زوجها.
التعليق على السؤال الأول

لا شكّ في أن مردّ هذا السؤال ما عبّر عنه الطاهر حداد قائلا:
" أن الشريعة الإسلامية مرنة وأن معانيها تتسع لقبول أطوار الحياة الإنسانية بما تتم فيها تدريجيا المساواة بين الرجل والمرأة وهو ما ذهب إليه جماعة من العلماء منهم أبو حنيفة النعمان القائل بحق إختيار المرأة لزوجها كالرجل متى كانت رشيدة خلافا لما يراه البعض الآخر من جبر البكر على من يختاره لها وليها إعتبارا لعجزها عن تمييز من يصلح لها
ويواصل فيقول بأن المرأة أصبحت عندنا حسب قول الحداد تزف إلى بيت الزوجية وهي ذاهلة مبهوتة جاهلة ما عسى أن يكون تنتظر نتيجة المقامرة التي وقعت بحياتها فيباغتها القدر بزوج أشيب أو يفوتها كثيرا في السنّ أو دميم الخلقة بعيد أن يقاربها فيها أو فاسد الأخلاق بارد الروح يعيش بلا قلب يقيم على غصنها الزاهر حتى يذبل بجفافه ويبسه وينطفئ سراج حياتها الوهاج وهي في عنفوان الشباب والأمل ويتم ذلك على يد أهلها وأقرب الناس إليها
وكم من الآباء من جعلوا زواج بناتهم قربانا للوجاهة والوظائف وإستدرار المال.
فهل هذه عدالة ؟   

التعليق على الجواب الأول

بخصوص معرفة من له حق إختيار الزوج بصفة عامة فقد أقرت مجلة الأحوال الشخصية (3) بصفة قطعية في فصلها الثالث أن " الزواج لا ينعقد إلا برضا الزوجين".
وهكذا فإن للمرأة في القانون حق إختيار الزوج والرضا بالزواج في عقد رضائي لا ينعقد إلا متى رضيت به سواء كانت رشيدة (4) أو كانت محجورة للصغر (5) أو الجنون(6) أو ضعف العقل (7) أو السفه (8) أو كانت دون سنّ الزواج القانوني (9).
وهكذا تختار المرأة زوجها وينعقد زواجها على النحو التالي:
1 ـ إذا كانت المرأة رشيدة وغير محجورة فإن زواجها ينعقد بمجرد رضاها به
2 ـ إذا لم تبلغ المرأة سنّ الرشد القانوني فإن زواجها يتوقف على موافقة الولي فإن إمتنع الولي من هذه الموافقة وتمسك كل برغبته لزم رفع الأمر للحاكم وهو ما أقرته مجلة الأحوال الشخصية وقت صدورها.
إلا أنه بداية من صدور القانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993 أصبح زواج المرأة القاصرة يتوقف على موافقة الولي والأم.
وعند إمتناع الولي أو الأم من الموافقة لزم رفع الأمر للحاكم الذي لا يأذن بالزواج إلا إذا رضيت به الزوجة وإختارت الزوج.
وهذه الموافقة هي في الحقيقة مساعدة الغرض منها تحقيق الإحترام للولي وللأم اللذين عادة ما تكون القاصرة في كفالتهما.
أما بخصوص المحجور عليه لجنون أو سفه أو ضعف عقل فإن دور الموافقة هو الدفاع عن مصالح المنظور.
وعند تجاوز حدود المأمورية فإن الحاكم هو المختص بالنظر في مثل هذه المسألة.
والحاكم يبحث في مثل هذه الحال عن مصلحة المحجور عليه هل يقتضى الإذن بالزوج أم لا.
أما الولي فقد عرفته مجلة الأحوال الشخصية وقت صدورها بإعتباره العاصب بالنسب ويجب أن يكون عاقلا ذكرا رشيدا.
والقاصر ذكرا كان أو أنثى وليه وجوبا أبوه أو من ينيبه والحاكم ولي من لا ولي له حسب الفصل الثامن منها.
ولقد كان للأب أو للوصية الولاية على الصغير أصالة ولا تبطل إلا بإذن الحاكم لأسباب شرعية حسب الفصل 155 من نفس المجلة إلى أن نقح بالقانون عدد 7 لسنة 1981 المؤرخ في 18 فيفري 1981 وأصبح نصه:
 " للأب ثم للأم ثم للوصي الولاية على القاصر أصالة ولا تبطل إلا بإذن من الحاكم لأسباب شرعية".
كما أن الفصل 154 من نفس المجلة كان ينص على أنه:
 "إذا لم يكن للصغير أب ولا وصي وجب أن يقدم عليه الحاكم."
 فقد أصبح نص هذا الفصل بعد التنقيح الواقع بالقانون عدد 7 لسنة 1981 هو:
"القاصر وليه أبوه وأمه إذا توفي أبوه أو فقد أهليته مع مراعاة أحكام الفصل الثامن من هذه المجلة ـ المتعلق بالزواج ـ ولا يعمل بوصية الأب إلا بعد وفاة الأم أو فقدان أهليتها وإن لم يكن للقاصر وصي وجب أن يقدم عليه الحاكم."
3 ـ أما إذا لم تبلغ المرأة سنّ الزواج المقرّر من القانون فإنه لا يكفي رضاها وموافقة وليها وأمها لإنعقاد الزواج بل لابد أن يأذن به الحاكم بصفة خاصة ولا يعطى هذا الإذن إلا لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزوجين.
فبخصوص سنّ الزواج فإنه قد يختلف عن سنّ الرشد بالنسبة للزوجين.
 لقد إهتم المشرع بسنّ المرأة عند زواجها وحدّد أدناه وذلك دفعا للعادات المألوفة القاضية ـ خاصة في بعض الأرياف ـ بإمكانية تزويج البنات في سنّ مبكرة ليس لهنّ تجربة تجعلهن قادرات على مجابهة الحياة الزوجية وتحمل أعبائها.
وإعتبارا لما تقدم فقد راع المشرع قاعدة التدرج عند تحديد السنّ الأدنى الذي يمكن للمرأة الزواج عند بلوغه.
ولقد ضبط سنّ الزواج الفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية وقت بداية العمل بأحكامها في غرة جانفي 1957 قائلا:
"يجب أن يكون كل من الزوجين بالغا خلوا من الموانع الشرعية ويقدر سنّ البلوغ بالنسبة للمرأة بتمام الخامسة عشر وللرجل بتمام الثامنة عشر وتزوج أحدهما دون السنّ المقرّرة يتوقف على إذن خاص من الحاكم وذلك بعد ثبوت البلوغ الطبيعي"
ويفيد هذا الفصل أن سن الزواج القانوني بالنسبة للمرأة يقابل بلوغها الطبيعي وحصول القدرة الجسمية على التزوج إلا أن المشرع عدل عن قاعدة النضج الجسماني عندما نقح الفصل الخامس بالمرسوم عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 20 فيفري 1964 والمصادق عليه بالقانون عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 21 أفريل 1964 وجعل السنّ الأدنى للزواج بالنسبة للمرأة سبعة عشر سنة.
ثم إن القانون عدد 32 لسنة 2007 المؤرخ في 14 جويلية 2007 (10) أضاف للفصل 5 المذكور ما يحقق المساواة بين المرأة والرجل وهو:" وزيادة على ذلك فكل من لم يبلغ منهما ثمانية عشر سنة كاملة لا يمكنه أن يبرم عقد زواجه." 
على أنه يمكن التزوج قبل بلوغ السنّ المقررة قانونا متى أذن الحاكم بذلك ولا يعطى هذا الإذن إلا بعد التحقق من ثبوت البلوغ الطبيعي قبل سنة 1964 و بعد التاريخ المذكور إذا إقتضت الزواج أسباب خطيرة والمصلحة الواضحة للزوجين.
ويمكن أن نذكر من الأسباب الخطيرة حمل المرأة أو وجودها في حالة إهمال بدون كفالة أو إذا كان من مصلحة الزوجين إيقاف التتبعات أو آثار المحاكمة بالنسبة لمن واقع أنثى بدون قوة سنّها دون خمسة عشر عاما كاملة أو فوق الخمسة عشر عاما ودون العشرين إذا تزوج بالمجني عليها طبقا لأحكام الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية.
وقد إقتضى القانون المؤرخ في 27 مارس 1969 وجوب التتبع من جديد أو تسليط العقاب إذا وقع الطلاق إنشاء من الزوج في العامين المواليين للزواج والذي أوقفت بموجبه آثار المحاكمة.
هذا ولابد من التأكد من وقوع رضا المرأة في عقد زواجها بصفة صحيحة.
لئن كان حضور المرأة بنفسها إنشاء عقد الزواج يمكّن من التحقق من حصول الرضا بالزواج وذلك عند خطابها وتلقي جوابها من العدلين علما وأنه لا يشترط أن يكونا ذكرين أو من ضابط الحالة المدنية المكلف بكتابة العقد الذي يمكن أن يكون إمرأة فإنه يمكن ـ أيضا ـ للمرأة أن تعبّر عن رضاها خارج مجلس العقد وذلك بتجسيمه في وكالة خاصة.
لقد إقتضى الفصل 9 من مجلة الأحوال الشخصية أنه:
" للزوج والزوجة أن يتوليا عقد زواجهما بأنفسهما وأن يوكلا به من شاءا..."
والملاحظ أن وكيل الزواج في مثل هاته الحال يمكن أن يكون إمرأة وتنطبق عليه شروط الوكيل بصفة عامة ولا يشترط فيه أي شرط خاص وليس له أن يوكّل غيره بدون إذن موكله.
ولابد أن يتوفر في توكيل الزواج شرطان وإلا عدّ باطلا:
1 ـ يجب أن يحرر التوكيل في حجة رسمية.
2 ـ يجب أن يتضمن التوكيل بصفة صريحة إسم المرأة الموكلة وإسم الرجل الذي تختاره وترتضيه زوجا.
ولابدّ من التأكيد في الختام بأن الزواج عقد رضائي وأن الرضا يجب أن يكون غير معيب وقد رتب القانون الجزاء على مخالفة ذلك.
إن كانت النظرية العامة لعيوب الرضا التي تضمنها الفصل 43 من مجلة الإلتزامات والعقود تنطبق على الزواج الحاصل برضا معيب (11).
فإن الفصل 21 مجلة الأحوال الشخصية فقد تضمن سببا يقضي بفساد الزواج عند ثبوت إنعقاده بدون رضا الزوجين أو رضا أحدهما.
وقد عرّف الفصل 21 المذكور بأن:
" الزواج الفاسد هو الذي إنعقد بدون مراعاة لأحكام الفقرة الأولى من الفصل الثالث." التي تفيد بأن: " الزواج لا ينعقد إلاّ برضا الزوجين ".
وبصفة نظرية فإن جدواه في التطبيق محدودة التفريق بين الزوجين الذي يحتمه ثبوت فساد الزواج وإن كانت من أجل إنعدام الرضا به تختلف حقيقته عن حقيقة الطلاق.
فالطلاق حسب أحكام مجلة الأحوال الشخصية هو:
أولا: حلّ عقدة الزواج (12)
ثانيا: وهو لا يقع إلا لدى المحكمة (13)
ثالثا: ويحكم بالطلاق بتراضي الزوجين أو بناء على طلب أحدهما بسب ما حصل له من ضرر أو بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به (14)
لكن الطلاق هو حل لعقدة الزواج لا يقع إلا لدى المحكمة والمحكمة المتعهدة بناءا على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر لا تحكم به إلا متى ثبت لديها الضرر المدعى به.
والضرر الموجب للطلاق أمر تقديره موكول لإجتهاد قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك ما دام إجتهاده معللا تعليلا سائغا.
أما بخصوص الزواج الفاسد الذي ضبط أسبابه الفصل 21 من مجلة الأحوال الشخصية والفصل 36 من قانون الحالة المدنية المؤرخ في غرة أوت 1957 فإن النظر فيه موكول للمحكمة إذا كان طلب التفريق موضوع دعوى مدنية علما وأن من حق كل واحد من الزوجين القيام بها وطلب الحكم بفساد الزواج من أجل الضرر في قضية مدنية أو في قضية جزائية إثر تتبع من جرّاء هذا الزواج.
والملاحظ أن المحكمة المتعهدة بالنظر جزائيا في الموضوع تحكم في آن واحد بالعقاب وبالتفريق بين الزوجين من أجل فساد الزواج.
والملاحظ في النهاية أن رضا المرأة بالزواج أمر لابد منه في كل الأحوال ورضاها يفيد إختيار الزوج ولها الكلمة الأخيرة على شرط أن يكون زوجها ذكرا.


السؤال الثاني

ـ هل ظهور العيب الموجب للفسخ في أحد الزوجين بعد البناء يعتبر مصيبة نزلت بالآخر لا مناص منها ؟

الجواب على السؤال الثاني

لا يعتبر في القانون ظهور العيب في أحد الزوجين بعد البناء مصيبة نزلت بالآخر لا مناص منها لأن الفصل 21 من مجلة الأحوال الشخصية وإن يقتضي بأن الزواج الفاسد هو الذي إقترن بشرط ينافي مع جوهر العقد فإنه يحكم بالطلاق تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 31 من نفس المجلة بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر ناشئ عن العيب المانع من القيام بالواجبات الزوجية التي تضمنها الفصل 23 من نفس المجلة.

التعليق على السؤال الثاني

لئن تعلقت كل الأسئلة بمقام المرأة في الإسلام فإن السؤال الثاني هو السؤال الوحيد الذي إهتمّ بالرجل والمرأة معا وبظهور العيب الموجب للفسخ في أحد الزوجين بعد البناء وهل يعتبر مصيبة نزلت بالآخر لا مناص منها ؟
وحتى تتوضح مقاصد السؤال ومدلوله في الشريعة الإسلامية وكيفية معالجة موضوعه في القانون الوضعي يتم التعرض لنظام التفريق بين الزوجين في الإسلام ضمن هذا التعليق ولنظام التفريق في القانون التونسي ضمن التعليق على الجواب الثاني.

التفريق بين الزوجين في الإسلام
          من الثابت أن الإسلام أجاز الفرقة بين الزوجين وجعلها أبغض الحلال عند الله
ولئن إشترط الرضا لإنعقاد الزواج فإنه لم يشترطه لحل عقدته وجعل حق الطلاق بيد الزوج وأوكل أمره إليه وحمّله مسؤولية الإقدام عليه.
وفي المقابل مكّنت المرأة من حق طلب حلّ عقدة الزواج قضائيا عند ثبوت الضرر اللاحق بها وإمتناع الزوج من إيقاع الطلاق
ويسمّى هذا النوع من التفريق تطليقا أو بطلان الزواج أو فسخه حسب الأحوال والمذاهب.
والملاحظ أن بعض الفقهاء لم يجعلوا هذه الطريقة الإستثنائية خاصة بالمرأة بل أقروا إمكانية إتباعها من الزوج أيضا ولو كان بيده الطلاق وذلك ليبين أن فكّ العصمة سببه الضرر الحاصل له ويتحاشي بذلك صفة المتعسف العالقة بكل رجل يوقع الطلاق بدون سبب شرعي يبرره.
وقد أطنب الفقهاء في البحث عن أسباب الضرر الحاصل قبل البناء وبعده الموجبة للتفريق بين الزوجين بالطريقة الإستثنائية المذكورة وفي إيجاد الأحكام اللازمة لتحقيق ذلك قضائيا بأسماء متعددة منها التفريق والتطليق والطلاق والفسخ والإبطال.
وهكذا عندما يجد أحد الزوجين الآخر مصابا بعيب أو مرض لم يظهره له حين العقد أو أصيب به حال قيام الزوجية فما عسى أن يصنع زوج المصاب في مثل هذه الحال؟ خاصة إذا كان ظهور العيب أو المرض من شأنه أن يجعل استمرار الحياة الزوجية بين الإثنين أمرا مستحيلا ويكثر الشقاق بينهما.
هل يمكن للزوج المتضرر من العيب طلب الفسخ في مثل هذه الحال ؟
نجد في التشريع الإسلامي ثلاثة حلول لهذه الوضعية
1) لا يمكن التفريق بين الزوجين لعيب في أحدهما وهو مذهب الظاهرية.
2) للزوجة الحق وحدها في طلب فساد الزواج إن كان زوجها مصابا بعيب تناسلي مانع من الإتصال الجنسي والزوج لا يكتسب هذا الحق وهو مذهب الأحناف.
3) لكل زوج الحق في طلب التفريق متى وجد عيبا بالآخر وهو رأي الجمهور إلا أن الخلاف حاصل بينهم ويتعلق بنوع العيوب وطبيعتها
ويعتبر إبن حزم الزواج باطلا من أصله حين قال:
" فإذا اشترط السلامة في عقد النكاح، فوجد عيبا أي عيب كان فهو نكاح مفسوخ مردود لا خيار له في إجازته ولا صداق فيه ولا نفقة، دخل أو لم يدخل لأن التي أدخلت عليه غير التي تزوج، ولأن السالمة غير المعيبة بلا شك فإذا لم يتزوجها فلا زوجية بينهما"
وقد جاء في فتح القدير على عكس رأيه
"ولو اشترط وصفا مرغوبا فيه كالعذرة والجمال والرشاقة وصغر السن فظهرت ثيبا عجوزا شوهاء، ذات شق مائل ولعاب سائل وأنف هائل وعقل زائل لا خيار له في فسخ النكاح."
وقد خصص لموضوع خيار العيب الفقيه إبن رشد فصلا في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد على غاية من الوضوح تحت عنوان خيار العيب (1)

                           التعليق على الجواب الثاني

التفريق في القانون التونسي
بخصوص التفريق في القانون التونسي فإن مجلة الأحوال الشخصية (2) أقرت المبدأ القاضي بإمكانية التحلل من رابطة الزواج وأجازت التفريق بين الزوجين إما بالطلاق أو بالفسخ (3).
ولا يقع التفريق إلا لدى المحكمة مهما كان السبب التي تم من أجله ومهما كان نوعه فسخا أو طلاقا
ولمعرفة نوع التفريق الذي سببه العيب أهو الطلاق أو الفسخ يتعين البحث في مجلة الأحوال الشخصية عن العيب الموجب للتفريق وهل هو من أسباب الطلاق أو أسباب الفسخ.
وتكون البداية بأسباب الفسخ وذلك قياسا على رأي الفقهاء الذين يرون العيب موجبا للفسخ.
1 ـ الفسخ في مجلة الأحوال الشخصية
لقد عرفت المجلة الزواج الفاسد في الفصل 21 بإعتباره الزواج الذي إقترن بشرط يتنافى مع جوهر العقد ورتبت عن ثبوته الحكم بفساد الزواج
أما لفظ الفسخ فإنه ورد بالفصل 11 من المجلة الذي نصه:
" يثبت في الزواج خيار الشرط ويترتب على عدم وجوده أو على مخالفته إمكان طلب الفسخ بالطلاق من غير أن يترتب على الفسخ أي غرم إذا كان الطلاق قبل البناء."
ويتعلق هذا الفصل بخيار الشرط ويترتب على عدم وجوده أو مخالفته الإخلال بالواجب الزوجي الذي يسمح بطلب الطلاق لا بطلب الفسخ
والملاحظ أن التعبير المتوخى في الفصل 11 عندما نص على أنه يترتب على مخالفة خيار الشرط إمكان طلب الفسخ بطلاق هي محاولة فاشلة للتوفيق بين أحكام التشريع الإسلامي الذي يراه موجبا للفسخ وبين أحكام القانون التونسي التي تراه موجبا للطلاق وتتم معالجة هذا الموضوع في موطنه.
أما أسباب التفريق بسبب فساد الزواج فقد بينتها مجلة الأحوال الشخصية في فصلها 21 وبينها القانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في غرة أوت 1957 المتعلق بالحالة المدنية في فصـله 36.

أولا ـ الفصل 21 من مجلة الأحوال الشخصية
إن الزواج الفاسد حسب هذا الفصل هو الزواج الذي يحتم التفريق بين الزوجين في إحدى صوره التالية هو:

1 ـ الزواج الذي إقترن بشرط تنافى مع جوهر العقد.
من الثابت أنه يمكن للزوجين الإتفاق وقت عقد الزواج إختيارا منهما على شروط تترتب عنها إلتزامات شخصية أو مالية
والمقصود بجوهر العقد هي الغاية المرجوة من الزواج وهي المقومات الطبيعية التي يقوم عليها
وعلى كل فإن ثبوت وجود هذا النوع من الإتفاق وإقترانه بالعقد يجعل الزواج فاسدا ويترتب عنه وجوبا التفريق إذا كان الإتفاق يتنافى مع جوهر العقد

 2 ـ الزواج الذي لم تراع في إنعقاده أحكام الفقرة الأولى من الفصل 3 من مجلة الأحوال الشخصية
تتعلق هذه الفقرة بالزواج الذي لم ترض به المرأة أو الرجل أو الزوجان معا

3 ـ الزواج الذي لم تراع في إنعقاده أحكام الفقرة الأولى من الفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية.
لقد كان نص الفقرة الأولى من الفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية وقت صدورها:
" يجب أن يكون كل من الزوجين بالغا خلوا من الموانع الشرعية."
 فأصبح بعد التنقيح الواقع بالقانون عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 20 فيفري 1964 والمصادق عليه بالقانون عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 21 أفريل 1964 نصه:
 " يجب أن يكون كل من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية."
إن الخلو من الموانع الشرعية شرط شامل لكل الصفات التي يجب أن تتوفر في الزوجين
ولشمول هذا الشرط وعمومه يمكن أن يلحق به مانع الدين الذي أقره التشريع الإسلامي ضمن الموانع الشرعية التي تحجر زواج المسلم بغير الكتابية وزواج المسلمة بغير المسلم(4)
وهذا التأويل يفرضه دستور أعلن النواب المجتمعون في مجلس قومي تأسيسي في توطئته أن منوبهم الشعب التونسي مصمم على تعلقه بتعاليم الإسلام وأعلن في فصله الأول أن تونس الإسلام دينها
وهو ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها القاضي بأن زواج المسلمة بغير المسلم يعتبر زواجا باطلا من أصله (5)
ولا شك في أن ثبوت هذا المانع يترتب عنه زيادة عن فساد الزواج التفريق بين الزوجين

4 ـ الزواج الذي لم تراع في إنعقاده أحكام الفصول 15  و16 و17 (6)  من مجلة الأحوال الشخصية.
تعرضت الفصول المذكورة إلى حالات تمنع الزواج وقد قسمها الفصل 14 من نفس المجلة إلى قسمين الموانع المؤبدة والموانع المؤقتة
1) فالموانع المؤبدة هي القرابة والمصاهرة والرضاع والتطليق ثلاثا
2) والموانع المؤقتة هي تعلق حق الغير بزواج أو عدة

5 ـ الزواج الذي لم تراع في إنعقاده أحكام الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية.
إن ما حرص المشرع على تحقيقه بداية من تطبيق مجلة الأحوال الشخصية هو التحجير على الرجل التزوج بثانية وذلك حين إستهل الفصل 18 من هذه المجلة بقاعدة لا تحتاج للتأويل وهي:
"تعدد الزوجات ممنوع"
وإن ما يؤكد أن المقصود بالمنع في البداية هو الزوج دون غيره هي كيفية صياغة نص وخاصة في الفقرة الثانية من الفصل 18 المذكور وهي:
"والتزوج بأكثر من واحدة يستوجب عقابا بالسجن مدّة عام وبخطية قدرها 240.000 فرنك (أي 240 دينار) أو بإحدى العقوبتين فقط"
وهذه المقتضيات هي تجسيم في الواقع لقصد المشرع إبطال العمل بالقاعدة المعمول بها قبل بدء العمل بالمجلة والتي تبيح للرجل التزوج من واحدة إلى أربع نساء.
وبعد أن كان المقصود من التعدد في القانون التونسي هو الزوج للأسباب السالفة الذكر عمد المشرع إلى تعويض صياغة نص الفقرة الثانية من الفصل 18 وأصبح نصها:
" كل من تزوج وهو في حالة الزوجية وقبل فك عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدة عام وبخطية قدرها مائتان وأربعون دينارا أو بإحدى العقوبتين ولو إن الزواج الجديد لم يبرم طبق أحكام القانون"
وبعد ذلك أضاف المشرع للفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية ثلاث فقرات أخرى تعرضت أولهما إلى صورة معينة إعتبرها من قبيل التعدد المحضور لأنه:
" يعاقب بنفس العقوبات كل من كان متزوجا على خلاف الصيغ القانونية الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ غرة أوت 1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية ويبرم عقد زواج ثان ويستمر على معاشرة زوجته الأولى."
 والجدير بالملاحظة أن المعني بهذه الصورة هو الرجل الذي يرتكب جريمة التعدد دون المرأة.
وحتى تثبت الجريمة ويسلط العقاب ويحكم بإبطال الزواج لا بد من توفر شروط ثلاثة في المتهم وهي:
1) أن يكون متزوجا على خلاف الصيغ القانونية بزوجة أولى
2) أن يكون متزوجا حسب الصيغ القانونية بزوجة ثانية
3) أن يكون مستمرا على معاشرة زوجته الأولى

6 ـ الزواج الذي لم تراع فيه أحكام الفصل 19 من مجلة الأحوال الشخصية.
يحجر هذا الفصل على الرجل أن يتزوج مطلقته ثلاثا

7 ـ الزواج الذي لم تراع فيه أحكام الفصل 20 من مجلة الأحوال الشخصية.
يحجر هذا الفصل التزوج بزوجة الغير أو معتدته قبل إنقضاء عدتها
إن ما تضمنه الجزء الأول من الفصل 20 من أنه "يحجر التزوج بزوجة الغير" لا معنى له لأن المرتبط بعقد زواج هو زوج الغير ولا يمكن أن يبرم معه عقد زواج آخر إلا إذا تحلل من الزواج الأول بالموت أو الطلاق.
أما الجزء الثاني من الفصل 20 الذي يحجر التزوج بمعتدة الغير قبل إنقضاء عدتها فإنه لا معنى له هو الآخر لأنه يستعمل أحكاما شرعية أصبحت لا مجال لتطبيقها وهي تتعارض مع الأحكام التي وضعتها للطلاق مجلة الأحوال الشخصية.
 فالعدة الواردة أحكامها بالفصول 34 و35 و36 من مجلة الأحوال الشخصية  (7) لها غاية جديدة
إن الأحكام الجديدة التي سنتها مجلة الأحوال الشخصية وخاصة منها ما يتعلق بالطلاق تبرر القول بأن القصد من العدّة هو المنع من إختلاط الأنساب:
1/ بالنسبة للمرأة الحامل فإن وضع حملها ولو يوما واحدا بعد التفريق تنتهي به العدة وينتفي معه الحزن ويزول الخوف من إختلاط الأنساب.
2/ بالنسبة للمرأة المطلقة المدخول بها غير الحامل فإن ثلاثة أشهر هي مدّة كافية لظهور الحمل والمحافظة على الأنساب لشبهة المعاشرة بعد العقد.
وبعد أن إتضح أن الغاية الأصلية والوحيدة من العدة هي إتاحة الفرص للتثبت من وجود الحمل من عدمه قصد المحافظة على النسب.
وعليه لا يقبل أن يعتبر المشرع المرأة المعتدة هي معتدة الغير بعد الطلاق والحال أن المطلقة في القانون التونسي تصبح لا علاقة زوجية لها بمفارقها بمجرد صدور الحكم بالطلاق ولا يمكنه أن يتزوجها ثانية إلا برضاها وبصداق ومهر جديدين وذلك خلافا للتشريع الإسلامي الذي تقر أحكامه الطلاق الرجعي الذي يعطي للزوج حق مراجعة معتدته بدون رضاها وبدون صداق ومهر.

2 ـ بطلان الزواج في قانون الحالة المدنية
إن الزواج الواقع دون إتباع الصيغ القانونية الواردة بالفصل 31 من القانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في غرة أوت1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية الذي يوجب إبرام عقد الزواج بالبلاد التونسية أمام عدلين أو أمام ضابط الحالة المدنية ويعاقب الزوجين المخالفين بالسجن مدة ثلاثة أشهر زيادة على البطلان.
ويؤكد هذا المبدأ أنه إذا وقعت تتبعات جزائية من أجل الزواج بصفة غير قانونية يقع النظر من المحكمة الجزائية في المادة المدنية وتقضي ببطلان الزواج.
أما الزواج الذي لم يتبع في إبرامه الطريقة النظامية المذكورة فإن الفصل 36 من قانون الحالة المدنية يعتبره باطلا (8)
والملاحظ أن المشرع لم يستعمل لفظ الفسخ وإنما إستعمل لفظ الإبطال وكان من المؤمل أن يتم توحيد المصطلحات الدالة على نفس الحكم عند تنقيح الفصل 36 من قانون الحالة المدنية بالمرسوم المؤرخ في 20 فيفري 1964 وتزول بذلك قلة الوضوح العالقة ببعض الأحكام والقرارات المتأتية من المحاولات الرامية إلى تأويل قصد المشرع من إستعمال لفظ فاسد تارة ولفظ باطل تارة أخرى لزواج يتعين حله.
والغريب في ذلك أن المشرع تولى تعويض أحكام الفصل 21 من مجلة الأحوال الشخصية والفصل 36 من قانون الحالة المدنية بمرسومين مؤرخين في يوم واحد أي 20 فيفري 1964 ومع ذلك ورغم إتحاد الموضوع يستعمل كلمة فاسد في الفصل 21 وباطل في الفصل 36
ومن شأنه أن يبعث على الإعتقاد بحق أن المشرع يعطي لكل من هذين اللفظين معنى معينا.
يتبادر للذهن أن المشرع التونسي يفرق بين الزواج الباطل والزواج الفاسد ويكون باطلا العقد الذي لم تتوفر فيه الشروطه الجوهرية ويكون هذا البطلان مطلقا حتى أن إمضاء الإلتزام أو التصديق عليه لا عمل عليه طبقا للفصل 329 من مجلة الإلتزامات والعقود.
 أما العقد الذي فقد أحد شروط الصحة فهو فاسد.
إلا أن التعريف الذي يعطيه المشرع للزواج الفاسد في الفصل 21 من مجلة الأحوال الشخصية يجعلنا في غنى عن هذا التقسيم.
يستخلص من هذا أن المشرع لا يجعل فرقا بين الزواج الباطل والزواج الفاسد وهو يتفق في ذلك مع المذهب الحنفي حيث الباطل والفاسد مترادفان في الزواج رغم أن الحاجة تلمس أحيانا إلى إعتبار الزواج الباطل مغايرا للزواج الفاسد خاصة حين تثار مسألة من يمكنه القيام بدعوى البطلان أو الفساد ؟
إن كان بطلان العقد أو فساده تقضي به المحكمة نتيجة لعدم توفر الأركان أو الشروط الشرعية فإن عدد الذين يمكنهم طلب إبطال العمل بهذا العقد أو فساده يكثر أو يقل حسب المصلحة التي لهم في ذلك وحسب خطورة الخلل الذي يعتري هذا العقد.
إن كان الموضوع يمس بالنظام العام فإنه يمكن أن يقوم بالدعوى ممثل النيابة العمومية زيادة عن الطرفين ومن ينوبهما.
ولا يسقط هذا الحق بمرور الزمن لأن الحكم يقتصر على معاينة البطلان ولا يترتب على مجرد العقد أي أثر ويترتب على الدخول آثار ضبطها الفصل 22 من مجلة الأحوال الشخصية والفصل 36 مكرر من قانون الحالة المدنية وهي:
1 ـ إستحقاق المرأة المهر المسمى أو تعيين مهر لها من طرف الحاكم عند إبرام العقد طبقا للصيغ القانونية.
2 ـ ثبوت النسب.
3 ـ وجوب العدة على الزوجة وتبتدي هذه العدة من صدور الحكم والتفريق.
4 ـ حرمة المصاهرة.
 ومن هنا يتضح في النهاية أن المشرع التونسي لا فرق عنده بين الزواج الفاسد والزواج الباطل سواء كان في المعنى الوارد بالفصل 21 من مجلة الأحوال الشخصية التي بينت أسباب فساد الزواج وهي إقترانه بشرط ينافي مع جوهر العقد أو إنعقاده بدون الرضا اللازم أو مع وجود مانع الدين أو حرمة القرابة أو المصاهرة أو مانع الطلاق ثلاثا أو العدّة أو كان في المعنى الوارد بالفصل 36 من قانون الحالة المدنية المؤرخ في غرة ماي 1957 الذي بين سبب بطلان الزواج وهو إبرامه خلافا للصيغ القانونية.
يتضح بعد بيان أسباب فساد الزواج في مجلة الأحوال الشخصية وفي قانون الحالة المدنية أنها لا تشمل ظهور العيب في أحد الزوجين بعد البناء موضوع سؤال الطاهر الحداد الثاني ولذا يتعين الرجوع لأسباب الطلاق في القانون.

الطلاق في مجلة الأحوال الشخصية  
وعرّفت المجلة الطلاق في الفصل 29 ونصه: " الطلاق هو حلّ عقدة الزواج"
وقد إعتبر هذا الفصل الطلاق بصفة صريحة حلا لعقد الزواج وليس حلا لحالة الزوجية القائمة.
ولعل من الأسباب التي جعلت المشرع يعتبر الطلاق حلا للعقد (9) لا للزواج وقت صدور مجلة الأحوال الشخصية خوفه من أن تعتبر الإجراءات الجديدة الموصلة إلى الفسخ والطلاق لا تنطبق إلا على الزواج الذي كتب عقده وتحقق فيه الدخول.
لأنه كثيرا ما يكون للزواج مفهوما يفيد أن كتابة العقد وحدها غير كافية لإعتباره إجتماعيا بل لابد أن يتحقق الدخول لتنشأ بذلك الزوجية الكاملة
ولهذا المفهوم المعتاد للزواج أثره في القانون عندما يجعل الآثار المترتبة على مجرد العقد مختلفة عن الزواج المشفوع عقده بالبناء.
والملاحظ في هذا الصدد أن مجلة الأحوال الشخصية أقرت في بعض أحكامها فرقا بين الزوجية المترتبة على مجرد العقد والزوجية المترتبة على العقد والدخول.
وهذا الفرق نلمسه بوضوح عندما ندرك أن المشرع خصّ كلا من حالة الزوجية قبل البناء وحالة الزوجية بعد البناء بآثار خاصة بكل حالة منهما (10) 
ورغم ذلك فمن الثابت أن قصد المشرع من التعبير المتوخى في الفصل 29 الذي ينص على أن الطلاق هو حل عقدة الزواج يفيد أن الطلاق في هذا المعنى هو إنهاء لحالة الزوجية التي قوامها العقد سواء تمّ البناء أو لم يتمّ.
يعتبر الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية العمود الفقري لهيكل الطلاق في القانون لأنه ضبط القواعد العامة ـ الشكلية والأصلية ـ لحل عقد الزواج بالطلاق تم البناء أو لم يتمّ وجعله حقا يمارسه الزوجان لدى المحكمة على معنى أحد أنواعه الثلاثة التي خصّ كل نوع منها بفقرة من هذا الفصل  (11).
وبالرجوع إلى هذه الفقرات يتضح:
 1) إن النوع الأول موضوع الفقرة الأولى من الفصل 31 يعتمد إتفاق الزوجين مبنى لحصول الطلاق الذي تصرح به المحكمة وتستجيب له متى ثبت لديها إتفاق الطرفين عليه
2) أما النوع الثاني موضوع مقتضيات الفقرة الثانية فإنه يتعلق بالطلاق من أجل الضرر الحاصل لطالبه وهذا النوع من الطلاق حقّ يمارسه كل من الزوج والزوجة على حدّ السواء.
3) أما النوع الثالث موضوع الفقرة الثالثة فإنه يتعلق بالطلاق الذي تصرح به المحكمة بناءا على طلب أحد الزوجين الرجل أو المرأة وبذلك فإن الطلاق الإنشاء حق مشترك بين الزوجين.
ورغم التعبير المتوخى من المشرع في النص المتعلق بالنوع الأخير من الطلاق القائل:
" يحكم بالطلاق بناءا على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به."
قد يفهم من هذا التعبير أن المحكمة تستجيب لطلب الزوج إنشاء الطلاق ومن الممكن لها عدم الإستجابة عندما تطالب به الزوجة
" ومن الثابت أن الطلاق إنشاء حق تمارسه المرأة كما يمارسه الرجل وتصرح به المحكمة إستجابة لطلب أحدهما على حد السواء بصرف النظر عن جنس الطالب وهذا هو قصد المشرع بداية من وضع مجلة الأحوال الشخصية.
وبما أن النوع الثاني من الطلاق هو الذي يهمّ الجواب على السؤال الثاني المتعلق بظهور العيب الموجب للفسخ لأنه يشمل الإخلال بالواجب القانوني والواجب الإتفاقي.
ومن الثابت أن الإخلال بالواجب الزوجي يعتبر ضررا. 
لقد عرضت على المحاكم قضايا طلاق ترتكز وقائعها على العجز الجنسي أو المرض الخطير وهو ضرر موكول أمر تقديره لإجتهاد قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك ما دام إجتهاده معللا تعليلا سائغا ومؤديا للنتيجة التي إنتهى إليها (12)
وبما أن الضرر الثابت في المعنى السالف الذكر يؤدي حتما إلى الحكم بالطلاق طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية علما وأن الضرر يشمل أيضا الضرر الحاصل بأمر طارئ أو قوة قاهرة وهو يعوض الفسخ والبطلان علما وأن للمرأة حق طلب الطلاق من أجل الضرر بصفة أصلية لا بصفة إستثنائية.
لئن إحتاج الفقهاء إلى الفسخ والبطلان فإن نظام الطلاق في الإسلام يقتضي ذلك لأن الطلاق بيد الزوج يوقعه بإرادته المنفردة والزوجة تطالب به القضاء.
وبما أن النوع الثاني من الطلاق موضوع الفقرة الثانية من الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية هو المتعلق بالضرر لذا فإنه يهم الجواب على السؤال الثاني
لقد كان نوع الطلاق الذي يهمنا لا يحكم به إثر صدور مجلة الأحوال الشخصية إلا بناء على طلب من الزوج أو الزوجة للأسباب المبينة بفصول هذه المجلة
أما بعد التنقيح الواقع بالقانون عدد 7 لسنة 1981 المؤرخ في 18 فيفري 1981 أصبح لا يحكم بالطلاق إلا بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من الضرر
لم يأت هذا التنقيح بجديد سوى أنه أطلق إسم الضرر على الأسباب المبينة بفصول المجلة والقاضية بالحكم بالطلاق بناء عليها متبنيا بذلك لفظ الضرر الذي دأبت المحاكم على إستعماله نقلا من الفقه الإسلامي
ويبقى لذلك البحث عن هذه الأسباب في المجلة أمرا متحتما

أسباب الطلاق في القانون
إن أسباب الطلاق للضرر تضمنتها مقتضيات تعرضت لها فصول نذكرها حسب ترتيبها بالمجلة

1 ـ الفصل 11 المتعلق بالإخلال بالشرط الإتفاقي (13)
إن المعنى المبسط لخيار الشرط هو أن أحد المتعاقدين يمكن له أن يشترط في الزواج شرطا أو عدة شروط إذا قبلها الطرف الآخر أصبح هذا الشرط ملزما لمن تعهد به وللمستفيد به الخيار متى لم يقع الوفاء به أما إبقاء عقد الزواج على حاله أو طلب إنهائه نتيجة لعدم الوفاء بالشرط
ومن الملاحظ أن إنهاء العقد عند عدم وجود الشرط أو مخالفته يحصل بالطلاق إجتنابا للبحث عن نوع الحكم هل هو فسخ أو بطلان أو طلاق لأن المشرع إستعمل في الفصل المذكور لفظ الفسخ مرتين مع لفظ الطلاق في حين أنه يقصد بصفة ثابتة أن الحل يكون بالطلاق طبقا للأحكام الفصول 29 و30 و31 الفقرة الثانية منه
والمؤكد أن هذا الخيار لا تقل قيمته عن الخيار القانوني علما وأن الخيار مصدره القانون أو العقد
فما كان مصدره الشرع يتمتع به صاحبه دون أن يكون ملزما بإشتراطه في العقد كالتغرير والغبن والعيب وكل ما من شأنه أن يجعل للطرف المتضرر الخيار بين رفع القيد أو إبقائه
أما إذا كان الخيار مصدره العقد ومبناه الشرط المقترن بصيغته فإن إنعدام الشرط أو مخالفته يترتب عنه إمكانية حل العقد وإن توفرت شروطه القانونية ورغم أن عقد الزواج صحيح لإنعقاده برضا الطرفين وأمام عدلين أو ضابط الحالة المدنية.
وعلى كل فإن الشرط يجوز إقترانه بصيغة عقد الزواج حسب الفصل 11 من مجلة الأحوال الشخصية
لقد أضاف المشرع لخيار الشرط نظام الإشتراك في الأملاك بين الزوجين بالقانون عدد 91 لسنة 1998 المؤرخ في 09 نوفمبر 1998 وهو نظام يمكن إختياره عند إبرام عقد الزواج أو في تاريخ لاحق له ويتعلق بجعل عقار أو عقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة
ولا يترتب مبدئيا عن مخالفة هذا إختيار نظام الإشتراك بين الزوجين الطلاق بل يبقى خاضعا لأحكام القانون المذكور ولأحكام مجلة الحقوق العينية ومجلة الإلتزامات والعقود.   
ولا شك في النهاية أن إعتناء المشرع التونسي بخيار الشرط والتعرض له بصفة صريحة في الفصل 11 من مجلة الأحوال الشخصية يعزز القول بأنه أغفل بيان قصده من خيار العيب في الزواج الذي سكتت عنه مقتضيات المجلة في حين أن لائحة مجلة الأحكام الشرعية التي تعد مصدر هذه المجلة قد خصصت بابا مشتركا لخيار الشرط وخيار العيب في النكاح وإقتضى الفصل 24 منها أنه "يثبت في النكاح خيار الشرط وخيار العيب."


2 ـ الفصل 13 المتعلق بالتوقف عن دفع المهر (14)
تعرضت مقتضيات هذا الفصل إلى صورة تعطي المرأة دون الرجل حق طلب الطلاق وذلك نتيجة لعدم وفاء الزوج بواجب مالي حمله إياه المشرع.
من المعلوم أن المهر شرط صحة لعقد الزواج حسب الفصل 3 وهو واجب على الزوج وملك للمرأة تتصرف فيه كيف شاءت
والعقد الذي خلا من ذكر المهر هو عقد صحيح ويبقى للزوجة حق تعيين المهر من الحاكم إن لم يكن مسمى
ونظرا لقيمة المهر عند عامة الناس وفي بعض الجهات ولما يلاحظ بخصوصه في السنوات الأخيرة فإنه وإن كان شرطا لبد منه لكنه هامشي بالنظر لمقداره وهو دينار واحد

3 ـ الفصل 23 المتعلق بالإخلال بالواجب القانوني  (15)
لئن كانت أسباب الطلاق بموجب الضرر توجد في فصول متعددة من مجلة الأحوال الشخصية فإن الواجبات الزوجية العامة والهامة كادت تكون محصورة في فصل واحد أدرج تحت عنوان "فيما يجب لكل من الزوجين على صاحبه"
يمكن إعتبار هذا الفصل بحق ميثاق الزوجية ودستور الزوجين لما إشتمل عليه من بيان لحقوق كل منهما وواجباته
هذا وأن للحقوق والواجبات مفهوم نسبي خاص بمن يكتسب الحق وبمن يتحمل الواجب.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن الجزم بأن الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية قد تضمن كل الواجبات الزوجية القانونية وأنه يصلح ل يكون مبني لجميع الأحكام التي تقتضي بالطلاق على معنى الفقرة الثانية من الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية عند ثبوت الإخلال بالواجب


4 ـ الفصل 25 المتعلق بالشقاق وعجز الحكمين عن الإصلاح  (16)
تعرض هذا الفصل إلى سبب ينتفي مع وجوده المقصود من الزواج وهو الشقاق
وما يدل بصفة قاطعة على أن الحياة الزوجية قد أصيبت في جوهرها بداء التفكك وعدم الإنسجام والمعاشرة هو التنازع بين الزوجين ذلك التنازع الذي مرده الإضرار الذي تنعدم بوجوده الحياة الزوجية الهادئة لأنه لا يتعلق بخطإ أحد الزوجين أصلا وإنما بخيبة الزواج خاصة وفشله لأسباب موضوعية خفية خطيرة تجيز فك الزوجية وحلّها.  
ورغم أهمية هذا الفصل الذي يمكن أن يشمل أنواعا عديدة من الضرر الخفي فإنه لم يطبق ولم يجتاز المجال النظري وبقي في المجلة كالومضة الإشهارية الملوح إشهارها للشريعة الإسلامية.

5 ـ الفصل 39 المتعلق بعجز الزوج المعسر عن الإنفاق (17)
إن موقف المشرع التونسي من توقف أحد الزوجين عن الإنفاق واضح ولا يحكم بالطلاق من أجله.
وامتناع الزوج من أداء النفقة لا يكون سببا في صدور الحكم بالطلاق من أجله على معنى الفقرة الثانية من الفصل 31 مثل امتناع الزوجة من المساهمة في الإنفاق.
أما إعسار الزوج أو غيبته فقد خصّهما المشرع بفصلين من المجلة وهما على التوالي: الفصل 39 والفصل 40
فالفصل 39 هو حجة على أن الزوج لا يلزم بالنفقة من أجل الإعسار إلا أنه لا يعفي منها.
إن لم تكن الزوجة عالمة بالعسر حين العقد فلها حق طلب الطلاق من أجل العسر والعجز عن الإنفاق لا التوقف عنه وإن لم تكن عالمة به حين العقد تبقى النفقة دينا للمرأة متخلدا في ذمّة الزوج.

6 ـ الفصل 40 المتعلق بتوقف الزوج الغائب عن الإنفاق (18).
إن ثبت غياب الزوج وغياب النفقة منه أو من غيره يمكن للمرأة طلب الطلاق والحصول عليه إذا توفرت الشروط التي ضبطها الفصل المذكور

والملاحظ أن الفصلين 39 و40 لا مبرّر لوجودهما لأنهما يتعلقان بحق منحه الفقهاء للمرأة لأنه ليس بيدها الطلاق لذا يمكن تعويضهما بما ورد بالفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية.

  7 ـ الفصل 76 المتعلق بالتفريق من أجل نفي النسب (19).
إن من أسباب دعوى نفي النسب ثبوت عدم التلاقي بين الأم وبين زوجها أو ثبوت الولادة بعد سنة من غيبة الزوج عن الأم أو من تاريخ وفاته أو من تاريخ الطلاق.
وتقضي المحكمة في آن واحد في دعوى نفي النسب وتفريق الزوجين.
علما وأن التفريق يقضى به دون أن يطلبه المدعي.


الطلاق من أجل العيب  
لئن كانت هذه هي الأسباب التي تعرضت لها مجلة الأحوال الشخصية والتي تكون سببا لطلب الطلاق على معنى الفقرة الثانية من الفصل 31 فإنه لا يوجد سببا خاصا بالعيب وظهوره بأحد الزوجين بعد البناء.
فالطلاق حسب هذه الأسباب يتم عند عدم وفاء أحد الزوجين بالواجب المفروض عليه قانونا أو إتفاقا.
أما الطلاق الذي يتم من أجل حدوث طارئ ينتفي معه المقصود من الزواج فإن سنده هو الفصل 23 من المجلة الذي ضمنه المشرع بصفة شاملة ما يجب لكل من الزوجين على صاحبه.
وفي النهاية يتضح أن ظهور العيب في أحد الزوجين بعد البناء لا يوجب فسخ الزواج.
كما أن مجلة الأحوال الشخصية لم يتضمن أحد فصولها هذا العيب باعتباره سببا من أسباب الطلاق للضرر.    
لذلك يبقى الفصل 23 من المجلة هو السند القانوني لطلب الطلاق من أجل ظهور العيب.
إن فقه القضاء وما نشر منه لم يتعرض بكثرة للطلاق من أجل تضرر أحد الزوجين من عيب عالق بالآخر ومن مرض أصابه إلا أن القليل منه يفيد أن هذا الموضوع لا يخضع لقاعدة تضبط حدود الضرر وتبيّن شروط توفره وإنما يهيمن عليها المبدأ القاضي بأن الضرر الموجب للطلاق هو أمر موكول لإجتهاد قاضي الموضوع.
ويبقى في فقه القضاء الضرر المانع للحياة الزوجية أمرا له وجه موضوعي أكثر من قانوني إن اقتنعت المحكمة بثبوته بأدلة قاطعة عندها يصبح أمرا له وجه قانوني أكثر من موضوعي.  

















السؤال الثالث

هل الغيبة الطويلة المتلفة لمتعة الزوجية تعطي حق الخيار للمرأة في الطلاق أو أنه ممتنع ما بقي الإنفاق وهل المفقود وغيره في ذلك سواء ؟

الجواب على السؤال الثالث

نعم! الغيبة الطويلة المتلفة لمتعة الزوجية تعطي المرأة في القانون حق طلب الطلاق للضرر بناء على الفقرة الثانية من الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية بسبب ما حصل لها من ضرر.
ولا يمنع زوجة الغائب أو المفقود والحاضر وجود النفقة من ممارسة هذا الحق.

                                التعليق على الجواب الثالث    

إن الغاية الأساسية من هذا السؤال هي معرفة هل أن حرمان المرأة من الإتصال الجنسي من زوجها سواء كان سببه الغيبة أو الفقدان أو غير ذلك يعطيها حق طلب الطلاق وهل ينعدم هذا الحق ما دامت النفقة موجودة ؟
من الثابت أن القانون يعتبر الإتصال الجنسي من المقومات الأساسية للزواج وواجب يتحمله الزوج مثل واجب الإنفاق ولا علاقة لأحدهما بالآخر ولم يجعل للنفقة درجة على واجب المعاشرة.
إن سبب الإخلال بالواجب حسب السؤال هو الغيبة والفقدان وغيرها وعليه نرى موقف المشرع من الغيبة والفقدان والحضور وما يترتب عنها.

1 ـ الزوج الغائب والنفقة في مجلة الأحوال الشخصية  
لقد إقتضى الفصل 40 من مجلة الأحوال الشخصية أنه:  
" إذا غاب الزوج عن زوجته ولم يكن له مال ولم يترك لها نفقة ولم يقم أحد بالإنفاق عليها حال غيابه ضرب له الحاكم أجلا مدّة شهر عسى أن يظهر ثم طلقها عليه بعد ثبوت ما سلف وحلف المرأة على ذلك ".
من الثابت أن هذا الحق تنفرد به الزوجة دون الزوج الذي لا يمّكنه القانون من طلب الطلاق عند إمتناع الزوجة الغائبة من المساهمة في الإنفاق على العائلة وهو واجب أقر الفصل 23 من المجلة.
والغائب هو الإنسان الذي إنقطع خبره ويمكن الكشف عنه حيا في حين أن المفقود هو الذي إنقطع خبره ولم يمكن الكشف عنه حيا.
وهكذا يحكم بالطلاق بطلب من زوجة الغائب متى توفرت الشروط الخمسة التالية:
1) أن لا يكون للغائب مال يمكن للمرأة أن تنفق على نفسها من محاصيله
2) أن لا يكون الغائب قد وفّر لزوجته ما يفي بالإنفاق وقت غيابه
3) أن لا يتعهد أحد بالإنفاق على الزوجة مدّة الغياب
4) أن لا يظهر الغائب في مدّة الشهر الذي حدّده له القاضي للحضور
5) أن تقسم الزوجة على أن ما سبق ذكره ثابت

2 ـ الزوج الحاضر والنفقة في مجلة الأحوال الشخصية
أما الزوج الحاضر المتوقف عن الإنفاق فإن الفصل 39 من مجلة الأحوال الشخصية يمكن الزوجة من طلب الطلاق من زوجها الحاضر عند ثبوت إعساره لا غير:
"لا يلزم الزوج بالنفقة إذا أعسر إلا أن الحاكم يتلوّم له بشهرين فإن عجز بعد إتمامهما عن الإنفاق طلقت عليه زوجته وإذا كانت الزوجة عالمة بعسره حين العقد فلا حق لها في طلب الطلاق."
والملاحظ في النهاية أن ما ذهب إليه بعض الفقهاء من أن النفقة المحمولة على الزوج هي أساس درجة الرجل على المرأة وأن الوفاء بهذا الواجب الذي يشمل الطعام والكسوة والمسكن لا يبقى للمرأة معه حق في المطالبة بشيء آخر هو في الحقيقة رأي أهل الجاهلية.
إن كان الإنفاق على الزوجة يتلف على المرأة حقها في المتعة إن كان عندهم فقد بقي عندنا توفير الأكل للغير سببا للطاعة والإذلال أحيانا (أطعم الفم تستحي العين)
وما يدل على أن الإسلام بريء من هذا العرف والعادة ما قرأته عن أقضية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مصدر لا أستحضره أنه بينما كان جالسا للقضاء إذ تقدمت له إمرأة تشكو زوجها:
ـ قائلة:  " إنه يصوم بالنهار ويصلي بالليل "
ـ فأجابها عمر: " هل ينفق عليك ؟"
ـ قالت: "نعم النفقة وافرة ولا ينقصني من عناصرها شيء والحمد لله"
ـ فقال لها عمر: "أين الضرر إذا ؟ "
وبقي عمر يتظاهر بأنه لم يفهم قصدها.
 وبالمناسبة نذكر أن عمر إبن الخطاب رضي الله عنه كان يمكن الطلبة من حضور مجلسه وإلى جانبه وكثيرا ما يتجاهل عمر قصد المدعي أو المدعى عليه ليتدخل طلبة العلم فيطلب من أحدهم رأيه بخصوص القضية ويكون ذلك إمتحانا بالنسبة إليه وإختبارا يفضي عند النجاح إلى تسميته قاضيا بأحد الأمصار وعند إلحاح عمر على المرأة بأن لا وجه لشكوى المرأة عندئذ إقترب منه أحد الجالسين بجواره وتدخل قائلا:
ـ إنها تشكو الفراش يا أمير المؤمنين
ـ فأجابه عمر:" بما أنك فهمت قصدها فأحكم في قضيتها."
فطلب القاضي المنتدب من المرأة إحضار زوجها فإذا به رجل لا ترى منه إلا مظاهر الزهد والعبادة وبعد أن أعادت الزوجة دعواها سأل القاضي المنتدب الرجل قائلا:
ـ "ما هو جوابك على ما تقول زوجتك؟"
ـ فأجاب فيما معناه أن الدنيا فانية وأن عليه أن لا يعمل إلا للآخرة ومن أجل ذلك أوقف حياته على الصلاة والصوم لأنه لا يرجى من هذه الدنيا خيرا وواصل حديثه عن التقى والعبادة فقاطعه القاضي المنتدب قائلا:
ـ " إسمع الحكم يا هذا ثلاث ليال للعبادة والليلة الرابعة لزوجتك وإلا طلقتها عليك."
وبعد ذهاب المرأة وزوجها سأل عمر الطالب قائلا:
ـ " من أين لك هذا الحكم وما معناه؟"
ـ فقال له: إن كان من حق الرجل أن يتزوج أربع نساء فلو إستعمل هذا الرجل حقه كاملا تكون الشاكية إحدى زوجاته الأربعة ولها ليلة من أربع ليال.
فسماه عمر قاضيا على أحد الأمصار.
وهذه القضية التي فيها إستعمال للرأي وللإجتهاد الحر تفيد بصفة لا لبس فيها أن الإسلام لا يكسب النفقة درجة على بقية الواجبات المحمولة على الزوج وأن واجب المتعة يبقى قائما رغم وجود الإنفاق.
































السؤال الرابع

ـ هل يمضي الطلاق بمجرد التلفظ به الناشئ عن حدة غضب أو تعليق أو أن المعتبر في ذلك تحقق إستحالة العشرة بين الزوجين؟

الجواب على السؤال الرابع

لا قيمة للتلفظ بالطلاق في القانون سواء تم التلفظ مرّة واحدة أو مرارا لا تحصى ولا تعد لأن الطلاق بين الزوجين لا يتم إلا بمقتضى حكم يصدر عن المحكمة لا تعتبر فيه التلفظ به من أجل غضب الرجل وإنما تعتبر إستحالة العشرة بين الزوجين طبقا لأحكام الفصلين 29 و 31 من مجلة الأحوال الشخصية إن لم يتفقا على إيقاعه ولم يقدم أحدهما إنشائه على الآخر


























السؤال الخامس

ـ هل للمرأة ضمان فيما أعطي للرجل من حق الطلاق وهل هذا الحق بيد الرجل يوقعه على المرأة متى شاء وبلا حد ؟

الجواب على السؤال الخامس

ضمان المرأة في طلاقها من الرجل
نعم ! للمرأة ضمان فيما أعطي للرجل من حق الطلاق وهو ضمان أصلي وضمان عارضي.
يتجسم الضمان الأصلي في إعطاء المرأة حق الطلاق مثل الرجل ولها أن تمارس هذا الحق ـ أصالة ـ بإستعمال أحد الأسباب الثلاثة التي تضمنها الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية وهي مصادقتها على وقوعه إتفاقا أو طلبه بسبب ما حصل لها من ضرر أو إنشاء منها على الزوج.
ويتجسم ضمان المعارضة في الحق الذي تمارسه المرأة عندما يبادر الزوج بطلب الطلاق و يسلك الطريق الموصلة إليه وهي الإتفاق فإنه لا يوجد بالقانون ما يجبر المرأة على الموافقة على طلب الزوج
وإن سلك الزوج الطريق الضرر المنسوب لجوزته للموصلة للطلاق من أجل الضرر المنسوب لزوجته فإن لها الحق في ردّ الطلب وإثبات براءتها مما ينسب إليها
وإن طلب الزوج إيقاع الطلاق على زوجته إنشاءا منه فإن للمرأة الحق أن تطالب بالغرم في دعوى معارضة ويقضى لها بتعويض عن الضرر المادي والأدبي الناجم عن الطلاق.

ويمكن أن تطلب التعويض عن الضرر المادي بجراية تدفع لها بعد إنقضاء العدة مشاهرة وبالحلول على قدر ما إعتادته من العيش في ظل الحياة الزوجية بما في ذلك المسكن.
وهذه الجراية قابلة للمراجعة إرتفاعا وإنخفاضا بحسب ما يطرأ من متغيرات وتستمر إلى أن تتوفى المرأة أو يتغير وضعها الإجتماعي بزواج جديد أو بحصولها على ما تكون معه في غنى عن الجراية.
وهذه الجراية تصبح دينا على التركة في حالة وفاة المفارق وتصفى عندئذ بالتراضي مع الورثة أو على طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة واحدة يراعى فيها سنّ المفارقة في ذلك التاريخ.
كل ذلك ما لم تخير المرأة التعويض لها عن الضرر المادي في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة."




حدّ الطلاق في القانون
لبد من التأكيد بأن الطلاق الواقع للمرة الأولى سواء بطلب من الزوجة أو الزوج لا يعطي الزوج حق الرجعة لأن رجوع الزوجين لبعضهما يستوجب زواجا جديدا بكامل شروطه القانونية بما في ذلك عقد ومهر جديدين.
أما إذا رجع الزوجان لبعضهما فإن الطلاق يقع في حدود ثلاث مرات مشاعة بين الرجل والمرأة يحتسب فيها كل زواج تمّ بينهما وعند صدور الحكم بالطلاق للمرة الثالثة يمنع بصفة نهائية تزوج أحدهما بالآخر.
وهكذا يمنع بصفة نهائية تزوج أحدهما بالآخر طبقا لأحكام الفصل 20 من مجلة الأحوال الشخصية الذي ينص على أنه "يحجر على الرجل أن يتزوج مطلقته ثلاثا"





























السؤال السادس

ـ هل للمرأة أن تثبت لدى القضاء عدم التناسب بينها وبين زوجها في الروح والأخلاق والرغبات بما ينفي طيب العشرة بينهما فتطلب بموجب ذلك الطلاق؟

الجواب على السؤال السادس

نعم،  للمرأة أن تثبت عدم التناسب بينها وبين زوجها في الروح والأخلاق والرغبات بما ينفي طيب العشرة بينهما فتطلب بموجب ذلك الطلاق على شرط أن تفلح قضائيا في إثبات أن ما تشكو منه يتجسم في إخلال زوجها بالواجبات المفروضة عليه بالفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية وهو سند قيامها بالطلاق على معنى الفقرة الثانية من الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية بما في ذلك شرط الكفاءة.


























السؤال السابع

ـ هل للمرأة أن تلاعن كالرجل في رؤية الزنا أو إن ذلك من خصائصه وإذا كان كذلك فعلى أي نظر بني هذا الإمتياز؟ 

الجواب على السؤال السابع

لا يمكن للمرأة أن تلاعن في رؤية الزنا كما أن الرجل لا يختص ولا يمكنه ذلك
لقد سوى حاليا القانون بين المرأة والرجل في رؤية الزنا وإن لم يقرر صراحة إجراءات اللعان فقد عوضها بوسائل إثبات أخرى
لقد كانت غاية اللعان الوصول إلى نفي النسب أو إقامة ما يترتب عن ثبوت الزنا
فبالنسبة لنفي النسب فقد أقرّ المشرّع في الفصل 75 من مجلة الأحوال الشخصية أنه "إذا نفى الزوج حمل زوجته أو الولد اللازم له فلا ينفي عنه إلا بحكم الحاكم وتقبل في هاته الصورة جميع وسائل الإثبات الشرعية."
وبخصوص الزنا فقد إقتضى الفصل 236 من المجلة الجزائية الذي كان نصّه
1) "المرأة المحصنة إذا إتهمت بالزنا وقويت التهمة عليها تعاقب بالسجن مدّة خمسة أعوام ولا تسوغ المحاكمة إلا بطلب من الزوج الذي له الحق وحده في إيقاف المحاكمة أو إيقاف تنفيذ العقاب
والمتهم بالمرأة المذكورة يعاقب بالعقاب المذكور وبخطية قدرها ألف دينار.
2) أصبح ينص بعد تعديله بالقانون عدد 1 لسنة 1968 المؤرخ في 08 مارس 1968
"زنا الزوج أو الزوجة يعاقب عنه بالسجن مدّة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسمائة دينار
ولا يسوغ التتبع إلا بطلب من الزوج أو الزوجة اللذين لهما وحدهما الحق في إيقاف التتبع أو إيقاف تنفيذ العقاب
وإذا إرتكب الزنا بمحل الزوجية فلا تنطبق أحكام الفصل 53 من هذا القانون ( أي ظروف التخفيف)
والشريك يعاقب بنفس العقوبات المقررة للزوجة أو الزوج المرتكب الجريمة."
والملاحظ أن الزنا يعتبر حسب النص الأخير إنتهاكا لحرمة الزواج والواجبات المفروضة على الزوجين بالفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية
لذلك يستعمل حكم الزنا الصادر في المادة الجزائية ليتمكن من تضرّر من الزوجين طلب الطلاق للضرر تطبيقا للفصل 23 وللفقرة الثانية من الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية.

التعليق على السؤال السابع

إن التعريف الإصطلاحي للعان هو:
"شهادات موكودات بالإيمان مقرونة باللعان قائمة مقام حق القذف في حقه (الزوج) حدّ الزنا في حقها (الزوجة)"
وهو "حلف زوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدّها بحكم القاضي"
وتفيد إجراءات اللعان أنه بعد أن بعد أن يرمي الزوج زوجته بالزنا يحضر الزوجان أمام القاضي:
فيقول الزوج أولا أربع مرات:
"أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا"
ويقول في الخامسة:
"لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا"
ثم يأمر القاضي المرأة بعد ذلك أن تقول أربع مرات:
"أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا"
وتقول في الخامسة:
"غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا"
فإذا تمّ ذلك فرّق القاضي بينهما.

التعليق على الجواب السابع

من الثابت أن مجلة الأحوال الشخصية لم تلغ صراحة اللعان وإجراءاته وخاصة في دعوى نفي النسب لأنه بالرجوع إلى الفصل 75 نلاحظ إستعمال المشرع عمدا لفظ الموانع الشرعية في قوله: " إذا نفى لزوج حمل زوجته أو الولد اللام له فلا ينتفي عنه إلا بحكم الحاكم في هاته الصورة جميع وسائل الإثبات الشرعية."
إن إستعمال المشرع لفظ (الشرعية) (1) في الفصل 75 يحمل على الإعتقاد ـ بحق ـ أنه يقبل طريقة اللعان في دعوى نفي النسب بإعتبارها وسيلة إثبات شرعية
وفعلا فلو كان قصد المشرع التصريح بصفة لا لبس فيها أن نفي النسب لا يثبت باللعان وإنما بكل وسائل إثبات القانون الوضعي لقال: " وتقبل في هذه الصورة جميع وسائل الإثبات القانونية." عوضا عن "وتقبل في هذه الصورة جميع وسائل الإثبات الشرعية." خاصة إذا علمنا وأنه يستعمل لفظ "القانونية" في كل مناسبة يؤكد فيها بأنه يطلب الرجوع إلى القانون الوضعي لا إلى التشريع الإسلامي (2) 
لئن كان من الممكن قانونا للمحاكم التونسية إستعمال طريقة اللعان الشرعية في دعوى نفي النسب فهل طبقت في الواقع هذه الطريقة أم لا؟
لم تطبق المحاكم حسب علمنا ولو مرّة واحدة هذه الطريقة والسبب في ذلك أن يكون نتيجة لتأويل جعل المحاكم تعتقد إثره أن الفصل 75 لا يقبل اللعان من بين وسائل الإثبات الممكن إستعمالها لنفي النسب وإنما قد يكون نتيجة لتعليمات صادرة عن وزارة العدل وقت بدء العمل بمجلة الأحوال الشخصية ترمي إلى عدم اللجوء إلى صورة اللعان في الدعوى المؤسسة على الفصل 75 من مجلة الأحوال الشخصية.
السؤال الثامن

هل يجوز أن يضمر الزوج نية الطلاق في نفسه عند عقد النكاح فيصح ذلك ويتم النكاح؟
الجواب على السؤال الثامن

إن كان التلفظ بالطلاق بعد الزواج لا إعتبار له في القانون فما بالك بنية الطلاق قبل الزواج
لأن الطلاق هو حل لعقدة الزواج حسب الفصل 3 من مجلة الأحوال الشخصية وهو لا يقع إلا بعد الزواج ولدى المحكمة طبقا لأحكام الفصل 30 من مجلة الأحوال الشخصية
وعليه فإن نظام الزواج والطلاق في القانون المذكور لا يمكن من التصرف الوارد بالسؤال لأن الطلاق لا يمكن أن يكون حلا لعقد لم يبرم بعد ولم يتم الرضا به من الزوجين


























السؤال التاسع

ـ هل المرأة في البيت رفيق مساو للرجل يعملان بإشتراك في الرأي والتنفيذ أو إنها قاصر تحت رعايته كأداة لتنفيذ أوامره وهل إن إمتنعت من هذا تجبر عليه أو ماذا يكون؟

الجواب على السؤال التاسع

لاشك أن المشرع سنّ الأحكام الكفيلة بضمان إستقرار العائلة نتيجة لتوفر أسس المكارمة والمعاملة بالإحسان والمعاشرة بالمعروف الضامنة للحياة الزوجية الهادئة بين زوجين متساويين في الحقوق والواجبات في البين وخارجه
وقد عبر المشرع عن معاملة الزوجين لبعضهما بعضا في صيغ شاملة مجملة في الفصل 23 من المجلة الذي هو سند التآلف لكل منهما
وهكذا تنشأ عن عقد الزواج صلات بين الرجل والمرأة تحملهما قانونا على التراحم والتآلف ولكل واحد منهما لدى صاحبه الإعانة والإغاثة
هذا وإن المساواة تتجسم فيما للزوج من حقوق على زوجته وما لها من حقوق عليه "وإستيفاء الحق مشروط بأداء الواجب"
وهذا لا يتناقض مع ما أقره المشرع من أن تنشأ عن عقد الزواج أسرة يسند المشرع التونسي رئاستها للزوج وهذه الرئاسة هي في الحقيقة تكليف تنتج عنه واجبات أدبية ومادية بالخصوص ينفرد الزوج بتحملها.
ولا تستقيم الرئاسة في الواقع إلا إذا هيأ لها المشرع الظروف الملائمة لممارسة مقوماتها من الزوج وقبولها من الزوجة بسنّ الأحكام اللازمة للتعايش في نظام رئاسي
لقد إقتضت مجلة الأحوال الشخصية وقت صدورها بأن ترعى الزوجة زوجها بإعتباره رئيس العائلة وتطيعه فيما يأمرها به في هذه الحقوق وهو ما تضمنه بالفعل الفصل 23 من المجلة.
أما وقد أصبح هذا النص بعد تنقيحه بالقانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993 لا يتضمن لفظ الرعاية والطاعة فهل يعتبر هذا من قبيل إختفاء الواجب عن النص فحسب دون أن تعفى الزوجة من هذين الواجبين في الواقع.
لا شك في أن النص الجديد للفصل 23 أكد مرة أخرى أن رئيس الأسرة هو الزوج وأن عليه أن ينفق على الزوجة والأبناء بصفته تلك.
لئن كان أساس الرئاسة هو الواجب المادي فإنه لا معنى لهذه الرئاسة إذا إنتفى العنصر البشري الذي تمارس عليه الرئاسة
إن هذا العنصر لا يتوجد في الواقع إلا متى إعترفت الزوجة بالرئاسة الموكولة لزوجها وهو ما يقتضي الإمتثال أي الطاعة فيما يأمرها به في الحقوق المشروعة.
وأجلى مظهر لهذه الطاعة أن تقبل الزوجة معاشرة زوجها في الدار التي هيأها لها.
ولا تجب الطاعة في مثل هذه الحال إلا إذا كانت الدار تليق بالزوجة ومستوفية للمرافق اللازمة لها وتضمن لها الأمن على نفسها ومالها وأولادها عند الإقتضاء.
ولا تجبر المرأة على طاعة زوجها إلا إذا كانت الأوامر تتعلق بشؤون الزوجية ولا تتعداها ـ مثلا ـ إلى شؤون الزوجة الخاصة ومنها التصرف في مالها الخاص
كما يجب أن تكون الأوامر غير مخالفة للشريعة
وفي النهاية أن الزوجة لا تطيع زوجها إلا إذا قام بدوره بما لها من حقوق عليه علما وأن لواجب الطاعة مفهوم نسبي موكول تقديره لإجتهاد المحكمة المطلق فهي تراعي في إثبات خروج الزوجة عن الطاعة من عدمه تصرفاتها الشخصية معتمدة في ذلك على ضرب الحياة الإجتماعية والإقتصادية الذي ألفته الزوجة وعلى كل ما يتعلق بكنه شخصيتها وكرامتها دون إهمال لجانب الزوج الذي قد يتضرر من تصرف دون آخر نظرا لشخصيته ومركزه الإجتماعي.
وفي النهاية فإن المرأة مساوية للرجل وهي رفيق له في البيت وخارجه ومساوية إن لم تجد حقوقها وتمارسها على الوجه الشرعي فإن الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية يعطيها حق طلب الطلاق من أجل الضرر المتمثل في جبرها على تنفيذ أوامر الزوج غير المشروعة



























السؤال العاشر

ـ ما هو مقدار الحرية التي تتصرف بها المرأة في مالها في تجارة أو غيرها متى كانت رشيدة وهل للزوج ولاية عليها في ذلك أو تفويض جبري؟

الجواب على السؤال العاشر

للمرأة الحرية الكاملة في التصرف في مالها من تجارة أو غيرها وليس للزوج أي ولاية عليها في ذلك أو تفويض جبري سواء كانت رشيدة أو قاصرة لأن الفصل 24 من مجلة الأحوال الشخصية صريح في أن لا ولاية للزوج على أموال زوجته الخاصة بها




























السؤال الحادي عشر

ـ ما هو إعتبار المرأة بوجه أعم وهل من قائل بتقديمها في إمامة الصلاة وفي القضاء وغير ذلك من شؤون خارجة من دائرة البيت؟

الجواب على السؤال الحادي عشر

يعطي القانون للمرأة إعتبارا كاملا في المجتمع
وبخصوص ما يتعلق بالجواب فإن الجزء من السؤال المتعلق بتقديم المرأة في إمامة الصلاة فإني أحتفظ بالجواب إعتبارا وان الخوض في العبادات تطفل على من إختص في المعاملات.
أما بخصوص الجزء المتعلق بالقضاء فقد إقتضى القانون عدد 29 لسنة 1967 المؤرخ في 14 جويلية 1967 والمتعلق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والنظام الأساسي للقضاة يسمى القاضي ذكرا أو أنثى من بين الملحقين القضائيين المحرزين على شهادة المعهد الأعلى للقضاء الذي عرض وزير العدل ملاقاتهم على المجلس الأعلى للقضاء لإبداء الرأي ثم على رئيس الجمهورية ليتولى تسميتهم قضاة
مع التأكيد بأن الحصول على شهادة المعهد الأعلى للقضاء يتم الحصول عليها في نهاية دراسة دامت عامين إثنين بالمعهد الذي يدخله الناجحون في مناظرة يشارك فيها الرجل والمرأة على حدّ السواء اللذين يتوفر فيهما الشروط اللازمة لذلك
تعين المرأة كقاض جالس أو عضوا بالنيابة العمومية أو ملحق تابع للإدارة المركزية بوزارة العدل دون أن يعتمد في ذلك على إختصاص معين أو تكوين مسبق أو شهادة علمية إضافية مؤهلة زيادة عن الرجل
وتكون المرأة عضوا بالمجلس الأعلى للقضاء إذا كانت تشغل رتبة تجعلها من القضاة الذين يتألف منهم المجلس الأعلى للقضاء بصرف النظر عن القاضيتين اللتين تعينان بأمر رئاسي بإقتراح من وزير العدل لمدّة عامين قابلين للتجديد.
والمرأة تمارس مهنة القضاء منذ أوائل السبعينات وأول قاضية هي السيدة آمنة الشتيوي وأول محامية الأستاذة عائدة العجيمي وتاريخ تسجيلها يوم 05 نوفمبر 1971.
أما بخصوص الوظائف الأخرى فالمرأة في تونس وزيرة وموفق إداري ووالي و...
وبعيدا عن إمرأة الحداد وقانونها الوطني فقد أنتخبت لأول مرة إمرأة في لبنان الأستاذة أمل حداد يوم 15 نوفمبر 2009 نقيبة للمحامين وقد وجه المحامون رسالة إلى السياسيين اللبنانيين بمناسبة إنتخاب الأستاذة أمل الحداد عميدا لهيئة المحامين يدعونهم فيها إلى إنتخاب رئيسة للجمهورية أو رئيسة لمجلس النواب أو رئيسة للحكومة (1)
   




السؤال الثاني عشر

ـ ما الذي يجب ستره من بدنها عن الأنظار صونا للأخلاق؟

الجواب على السؤال الثاني عشر

إن ستر البدن لا يكون إلا من صاحب البدن وبرضاه ولا تحرم الأنظار مما أتيح لها لكنه يوجد بين الأمرين حدّ يعاقب عليه القانون وهو التجاهر بما ينافي الحياء.








(1)  أبو القاسم محمد كرّو: الطاهر الحداد بين دعاة تحرير المرأة العربية. كتاب عبقرية الحداد دار المغرب العربي تونس صحيفة 141
وبمراجعة الأستاذ أبو القاسم محمد كرّو أفاد أنه مازال متمسكا برأيه
(2) يوم 10 ديسمبر 1929 هو التاريخ الذي ختمت به مقدمة كتاب "إمرأتنا في الشريعة والمجتمع" للطاهر الحداد
(3) الصادرة بالأمر الأمر المؤرخ في 13 أوت 1956 والتي بدأ جريان العمل بها وتطبيقها إبتداء من غرة جانفي 1957 الرائد الرسمي عدد 66 الصادر في 17 أوت 1956
(4) تكون المرأة رشيدة إذا بلغت عشرين سنة كاملة:
ـ حسب الفصل 7 من مجلة الإلتزامات والعقود:" كل إنسان ذكرا كان أو أنثى تجاوز عمره عشرين سنة كاملة يعتبر رشيدا بمقتضى هذا القانون"
وكان نص هذا الفصل قبل تنقيحه بأمر 3 أوت 1956:" كل إنسان ذكرا تجاوز عمره ثماني عشرة سنة كاملة يعتبر رشيدا بمقتضى هذا القانون أما الأنثى فإنها تبقى في قيد الحجر إلى مضي عامين من تاريخ تزوجها."
ـ الفصل 153 من مجلة الأحوال الشخصية:" يعتبر محجورا للصغر من لم يبلغ سن الرشد وهي عشرون سنة كاملة"
وبعد التنقيح الواقع بالقانون عدد 74 لسنة 1973 المؤرخ في 12 جويلية 1993 أضيفت للفصل:" وزواج القاصر يرشده إذا تجاوز السابعة عشرة من عمره فيما يتعلق بحالته الشخصية ومعاملته المدنية والتجارية
(5) تعتبر المرأة محجورة للصغر إذا لم تبلغ سن الرشد وهي عشرون سنة كاملة
(6) تعتبر المرأة مجنونة إذا صدر حكم مستند فيه على رأي أهل المعرفة (الفصل 161 من مجلة الأحوال الشخصية) يقضي بحجرها لأنها فقدت عقلها سواء كان جنونها مطبقا يستغرق جميع أوقاتها أو متقطعا تعتريه فترات يثوب إليها عقلها فيها (الفصل 160 من مجلة الأحوال الشخصية)
(7) تعتبر المرأة ضعيفة العقل إذا صدر حكم مؤسس على رأي أهل المعرفة (الفصل 161 من مجلة الأحوال الشخصية) يقضي بتحجيرها لأنها غير كاملة الوعي وسيئة التدبير وهي لا تهتدي إلى التصرفات الرائجة وتغبن في المبايعات.
(8) تعتبر المرأة سفيهة إذا صدر حكم (الفصل 164 من مجلة الأحوال الشخصية) يقضي بتحجيرها لأنها لا تحسن التصرف في مالها وتعمل فيه بالتبذير والإسراف
(9) سن الزواج القانوني قد يختلف عن سن الرشد.
(10) القانون عدد 32 لسنة 2007 المؤرخ في 14 جويلية 2007 المتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الأحوال الشخصية
(11) الفصل 43 من مجلة الإلتزامات والعقود:" الرضا الصادر عن غلط أو عن تدليس أو عن إكراه يقبل الإبطال."
(12) الفصل 29 من مجلة الأحوال الشخصية
(13) الفصل 30 من مجلة الأحوال الشخصية
(14) الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية
(1) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لإبن رشد الجزء الثاني صحيفة 50
(2) صدرت مجلة الأحوال الشخصية بتاريخ 13 أوت 1956 وإبتدأ العمل بها في غرة جانفي 1957
(3) المصادق عليه بالقانون عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 21 أفريل 1964
(4) الهادي كرّو :" زواج المسلمة بغير المسلم  ومصادقة الدولة لتونسية على إتفاقية نيويورك المؤرخة في 10 ديسمبر 1962" مجلة القضاء والتشريع وزارة العدل عدد 2 فيفري 1971 صحيفة 11
(5) تعقيب مدني عدد 3384 المؤرخ في 21 جانفي 1966 القضاء والتشريع عدد 6لسنة 1967 صحيفة 389
(6) الفصل 15 من مجلة الأحوال الشخصية: "المحرمات بالقرابة: أصول الرجل وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من أصل وإن علا."
الفصل 16 من مجلة الأحوال الشخصية: " المحرمات بالمصاهرة: أصول الزوجات بمجرد العقد وفصولهن بشرط الدخول بالأم، زوجات الآباء وإن علوا وزوجات الأولاد وإن سلفوا بمجرد العقد."
الفصل 17 من مجلة الأحوال الشخصية: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب والمصاهرة ويقدر الطفل الرضيع خاصة ـ دون إخوته وأخواته ـ ولدا للمرضعة وزوجها ولا يمنع الرضاع من النكاح إذا حصل في الحولين الأولين."
(7) الفصل 34:" يجب على كل إمرأة فارقها زوجها بطلاق بعد الدخول أو مات عنها قبل الدخول أو بعده أن نتربص مدّة العدة المبينة بالفصل الآتي
الفصل 35:" تعد المطلقة غير الحامل مدّة ثلاث أشهر كاملة وتعتد المتوفى عنها زوجها مدّة أربعة أشهر وعشرة أيام كاملة أما الحامل فعدتها وضع حملها وأقصى مدة الحمل سنة من تاريخ الطلاق أو تاريخ الوفاة
الفصل 36:"تعتد زوجة المفقود عدة الوفاة بعد صدور الحكم بفقدانه
(8) الهادي كرّو الولد للفراش مجلة القضاء والتشريع عدد 2 فيفري 1972 صحيفة 11
(9) قد يبرّر هذا التعبير إقرار المشرع لصورة الطلاق بالمراضاة بين الزوجين التي إقتضتها الفقرة الثانية من الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية وقت صدورها وهو الإتفاق على حلّ عقد الزواج
(10) نذكر منها:
ـ لا تستحق النفقة الزوجة غير المدخول بها (الفصل 38 من مجلة الأحوال الشخصية)
ـ إذا وقع الطلاق قبل الدخول فللزوجة نصف المسمى من المهر. (الفصل 33 من مجلة الأحوال الشخصية)
ـ يثبت في الزواج خيار الشرط ويترتب على عدم وجوده أو على مخالفته إمكان طلب الفسخ بطلاق من غير أن يترتب على الفسخ أي غرم إذا كان الطلاق قبل البناء (الفصل 11 من مجلة الأحوال الشخصية)
(11) ـ الهادي كرّو كتاب الطلاق ـ شركة أوربيس تونس ـ شهر جوان 1998
ـ الفصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية:
أ ـ قبل تنقيح 18 فيفري 1981:
يحكم بالطلاق:
1 ـ بناء على طلب من الزوج أو الزوجة لأسباب المبينة بفصول هاته المجلة
2 ـ بتراضي الزوجين
3 ـ أو عند رغبة إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به
وفي هذه الصورة يقرّر الحاكم ما تتمتع به الزوجة من الغرامات المالية لتعويض الضرر الحاصل لها أو ما تدفعه هي للزوج من التعويضات
ب ـ بعد نتقيح 18 فيفري 1981:
يحكم بالطلاق
1 ـ بتراضي الزوجين
2 ـ بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر
3 ـ بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به
ويقضي لمن تضرر من الزوجين بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجم عن الطلاق في الحالتين المبينتين بالفقرتين الثانية والثالثة أعلاه...
(12) تعقيب عدد 23643 مؤرخ في 12 ديسمبر 1989 ن.م. 1989 القسم المدني صحيفة 475
(13) الفصل 11: "يثبت في الزواج خيار الشرط ويترتب على عدم وجوده أو على مخالفته إمكان طلب الفسخ بالطلاق من غير أن يترتب على الفسخ أي غرم إذا كان الطلاق قبل البناء."
(14) الفصل 13: " ليس للزوج أن يجبر المرأة على البناء إذا لم يدفع المهر ويعتبر المهر بعد البناء دينا في لا يتسنى للمرأة إلا المطالبة به فقط ولا يترتب عن تعذر الوفاء به الطلاق"
(15) الفصل 23: "على الزوج أن يعامل زوجته بالعرف ويحسن عشرتها ويتجنب إلحاق الضرر بها وأن ينفق عليها وعلى أولاده منها على قدر حاله وحالها في عامة الشؤون المشمولة في حقيقة النفقة والزوجة تساهم في الإنفاق على العائلة إن كان لها مال وعلى الزوجة أن ترعى زوجها بإعتباره رئيس العائلة وتطيعه فيما يأمرها به في هذه الحقوق وتقوم بواجباتها الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة

الفصل 23 جديد قانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرخ في 03 جويلية 1993:" على كل واحد من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف ويحسن عشرته ويتجنب إلحاق الضرر به ويقوم الزوجان بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة ويتعاونان على تسيير شؤون الأسرة وحسن تربية الأبناء وتصريف شؤونهم بما في ذلك التعليم والسفر والمعاملات المالية وعلى الزوج بصفته رئيس العائلة أن ينفق على الزوجة والأبناء على قدر حاله وحالهم في نطاق مشمولات النفقة وعلى الزوجة أن تساهم في الإنفاق على الأسرة إن كان لها مال."

(16) الفصل 25:"إذا شكى أحد الزوجين من الإضرار به ولا بينة له وأشكل على الحاكم تعيين الضرر بصاحبه يعين حكمين وعلى الحكمين أن ينظرا فإن قدرا على الإصلاح أصلحا ويرفعان الأمر إلى الحاكم في كل الأحوال."
(17)  الفصل 39:" لا يلزم الزوج بالنفقة إذا أعسر إلا أن الحاكم يتلوم له بشهرين فإن عجز بعد إتمامهما عن الإنفاق طلق عليه زوجته وإذا كانت الزوجة عالمة بعسره حين العقد فلا حق لها في طلب الطلاق."
ـ الهادي كرّو المرأة في مجلة الأحوال الشخصية المجلة التونسية للعلوم الإجتماعية مركز الدراسات والبحوث الإقتصادية والإجتماعية الجامعة التونسية عدد 56 و57 لسنة 1979
(18) الفصل 40:" إذا غاب الزوج عن زوجته ولم يكن له مال ولم يترك لها نفقة ولم يقم أحد بالإنفاق عليها حال غيابه ضرب له الحاكم أجلا مدة شهر عسى أن يظهر ثم طلق عليه بعد ثبوت ما سلف وحلف المرأة على ذلك"
(19) الفصل 76:" إذا أثبت الحاكم نفي الأبوة طبق أحكام الفصل السابق فإنه يحكم بقطع النسب والفراق الأبدي بين الزوجين"
(1)  إستعمل المشرع لفظ الشرعية في الفصول 5 و75 و155 من مجلة الأحوال الشخصية
(2)  الفصل 6:" زواج الرجل أو المرأة اللذين لم يبلغا سن الرشد القانوني (يقصد الرشد القانوني أي 20 عاما كاملة حسب الفصل 7 من مجلة الإلتزامات والعقود والفصل 153 من مجلة الأحوال الشخصية لا الرشد في الفقه الإسلامي)
الفصل 7 من مجلة الإلتزامات والعقود:"كل إنسان ذكرا كان أو أنثى تجاوز عمره عشرين سنة كاملة يعتبر رشيدا بمقتضى هذا القانون."
الفصل 153 من مجلة الأحوال الشخصية:" يعتبر محجورا للصغر من لم يبلغ سنّ الرشد وهي عشرين سنة كاملة."
(1) مجلة الحوادث بيروت عدد 2769  يوم 27 نوفمبر ـ 3 ديسمبر 2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire