المجلس التأسيسي
لا شكّ في أن تونس عرفت مجلسا تأسيسيا قبل المجلس التأسيسي المنتظر والذي لم يصدر رئيس الجمهورية المِقت المرسوم المتعلق به رغم تحديد تاريخ إجراءات الانتخابات يوم 24 جويلية 2011.
وبخصوص تاريخ المجلس التأسيسي الأول ونظامه أعلم أنه.
المجلس التأسيسي الأول
بمقتضى الأمر الصادر عن الباي بتاريخ 29 ديسمبر 1955 المنشور بالرائد الرسمي المؤرخ في 30 ديسمبر 1955 وقع إستدعاء المجلس القومي التأسيسي ليوم الأحد 08 أفريل 1956 لسنّ دستور للمملكة.
أما انتخاب هذا المجلس فإنه يقع حسب الإقتراع العام المباشر والسرّي طبق شروط يضبطها قانون انتخابي صدر فيما بعد.
وقد برر الأمر العلي إحداث هذا المجلس بأن الوقت حان لتمنح المملكة دستورا يحدد نظام السلط ويسيّر مختلف دواليب وحقوق المواطنين وواجباتهم.
ولغاية يمكن الشعب من المشاركة مشاركة فعلية وبواسطة ممثليه المنتخبين في إعداد القوانين الأساسية للبلاد.
كما سبق صدور هذا الأمر خطاب العرش الذي القاه الباي في 15 ماي 1955 تضمن فيه بأن الشعب برهن عن النضج واستكمال الوعي القومي ومدى تطوره وعن استعداده للقيام بجميع المسؤوليات التي لغيره من الشعوب الحرّة وبما يترتب عن هذه المسؤوليات من واجبات وحقوق.
وقد أشار هذا الخطاب الى أن الشعب الذي ساهم بكل ما في طاقته للقضاء على عوامل الطغيان وأبلى البلاء الحسن في الدفاع عن الحرية البشرية ومناصرة العدل من حقه أن يستنشق نسيم الحرية وأن يرتوي من مناهل العدل وأن يتمتع بحقوقه الفردية والجماعية وأن يعيش في إطمئنان موفور الكرامة في كنف السيادة القومية الكاملة ليصبح كل فرد منه مؤمنا في قرارة نفسه بأن له ما لغيره من مواطني الأمم الديمقراطية التي شاركت في انقاذ البشرية من الإستعباد وعليه ما عليهم.
ولذلك عزم الباي على الوصول الى مرحلة يتمّ فيها تعديل أداة التنفيذ وكيفية تركيزها على قاعدة تمثيل الشعب في تشكيلات منتخبة وتحديد إختصاصات هذه التشكيلات.
وأكد الباي أن الإصلاح الجوهري المقدم عليه هو إلهام من الله غز وجل كما وطد العزم على تحقيقه ما مارسه في الشعب من رغبة في الرقي السياسي وما علمه فيه من بلوغ الرشد والكفاءة ومن أجل ذلك لا بدّ من إتخاذ التدابير لإعداد النصوص التي تقرّ نيابة منتخبة تمثل طبقات الشعب .
لئن كان هذا هو رأي الباي في شعبه وفيما يتمناه له فمن الثابت أنه لم يتحقق شيء من هذا الشأن الى هذا التاريخ
فا لباي معذور بعد أن ألغي النظام الملكي يوم 25 جويلية 1957 بقرار المجلس القومي التأسيسي
أما من خلفهبعد أن أطاح به فقد عمل بنقيض وعوده
وبخصوص نظام إنتخاب المجلس القومي التأسيسي فقد حدّده الأمر العلي المؤرخ في 6 جانفي 1956 المنشور بالرائد الرسمي المؤرخ في 06 جانفي 1956.
وقد جاء التحديد طبقا لما ورد في الفصل 2 من الأمر المؤرخ في 29 ديسمبر 1955 المتعلق بإحداث المجلس القومي التأسيسي.
أما الناخب فهو التونسي الذكر البالغ 21 عاما والمقيم بالتراب التونسي .
ويستثنى الأشخاص المحكوم عليهم بأكثر من ثلاث أشهر سجنا أو المحكوم عليهم بعقوقبة مالية من أجل مخالفة تشريع الشركات والمعتوهين والعساكر.
ولا يمنع من الترسيم بالقائمات الإنتخابية من صدر ضدّه حكم ذات صبغة سياسية أونقابية من أجل جنحة بسبب قلّة التبصر عمدا عدا الفرار بالمعيّة.
أما المترشح للإنتخابات فيجب أن يحسن القراءة والكتابة ويتجاوز عمره الثلاثين عاما ما لم يكن محلا للمطاعن الناتجة عن العقوبات الصادرة بعد تحرير القائمات الإنتخابية
ويستثنى من المترشحين الموظفين ذوو السلطة التي يضبطها أمر ومشائخ التراب وقباض المصالح المالية وحكام الفضاء الشرعي والوضعي.
يقدم الترشح في منطقة واحدة بإعلام حسب الصورة والآجال المعينة بقرار وزير الداخلية.
وتجري الإنتخابات على قاعدة الإقتراع على القائمة التي تحرر على الأغلبية من دورة واحدة تشمل القائمة عددا من المترشحين يساوي عدد المقاعد الواجب تسديدها.
ولا يكون الإقتراع إلأ على المترشحين المرسمين بالقائمة ويحجر الخلط بين القوائم والتشطيب وتلغي الأوراق التي لا تتوفر فيها الشروط السابقة.
وتعتبر منتخبة قائمة المترشحين التي تحرز على أغلبية الأصوات النسبية
وإذا أحرزت عدّة قوائم عددا متساويا من الأصوات يجب إعادة الإقتراع في دورة إنتخابية ثانية ثمانية أيام بعد الدورة الأولى.
إن كان أول مجلس نيابي تونسي له الصلاحيات الواسعة فمن الثابت أن إنتخابه لم يقع بطريقة الإقتراع النسبي وهو أيسر وأصدق.
ومن المعلوم أن الإقتراع على القائمة بالأغلبية في دورة واحدة دون خلط ودون تشطيب فيه تسلط وضغط على الناخب لأنه طريقة كفيلة بإبعاد من يقصد التكتل إبعاده وهي طريقة لا تجسم مطامح الجميع ولا تعبر عن الرأي السائد.
وقد اعتمد في التقسيم الترابي للبلاد على دوائر إنتخابية متسعة ليكون الفوز للقوى من الأحزاب.
كما أحدث التنظيم الإنتخابي للمجلس الدستوري ثماني عشرة دائرة إنتخابية تشتمل كل دائرة على أكثر من عمل (ولاية) وبذلك تذوب شخصية المعروفين محليا وتكبر شخصية المعروفين قوميا لا جهويا ولذلك يمكن القول بأن ما نصّ عليه القانون الإنتخابي مبيّت وله أهداف مسبقة ومقصودة .
وقد أظهرت نتائج الإنتخابات يوم 25 مارس 1956 فوز القائمات الحمراء وهي قائمات الجبهة القومية وتحصلت على كل المقاعد .
لقد تكونت يوم 15 مارس 1956 هذه الجبهة القومية التي تضمنت الحزب الدستوري والإتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة وإتحاد المزارعين وشخصيات معروفة أمثال الطاهر بن عمار ومحمد العزيز الجلولي ومحمد شنيق
وقد ضبط قرار وزير الداخلية المؤرخ في 01 مارس 1956 عدد الدوائر الإنتخابية وامتدادها وعدد المقاعد المسندة لها وهي :
الدائرة الأولى : تونس العاصمة 9 مقاعد
الدائرة الثانية : عمل أحواز الحاضرة 6 مقاعد
الدائرة الثالثة : عملا بنزرت وماطر (المركر الرئيسي بنزرت) 6 مقاعد
الدائرة الرابعة : عملا نابل وسليمان (المركزالرئيسي نابل) 7 مقاعد
الدائرة الخامسة :عملا مجاز الباب وزغوان (المركز الرئيسي مجاز الباب) 4 مقاعد
الدائرة السادسة : عملا باجة وسوق الخميس (المركز الرئيسي باجة) 4 مقاعد
الدائرة السابعة عملا سوق الإربعاء وعين الدراهم (المركزالرئيسي سوق الإربعاء) 4 مقاعد
الدائرة الثامنة عملا الكاف وتبرسق (المركز الرئيسي الكاف) 5 مقاعد
الدائرة التاسعة أعمال مكثر وسليانة وتاجروين (المركز الرئيسي مكثر) 4 مقاعد
الدائرة العاشرة عملا تالة وسبيطلة (المركز الرئيسي تالة ) 4 مقاعد
الدائرة الحادية عشر عملا القيروان وجلاص (المركز الرئيسي القيروان) 6 مقاعد
الدائرة الثانية عشرة عمل سوسة 4 مقاعد
الدائرة الثالثة عشرة عملا المنستير وجمال (المركز الرئيسي المنستير) 3 مقاعد
الدائرة الرابعة عشر عملا المهدية والسواسي (المركز الرئيسي المدية ) 4 مقاعد
الدائرة الخامسة عشر أعمال صفاقس والصخيرة وجبنيانة (المركز الرئيسي صفاقس) 9 مقاعد
الدائرة السادسة عشر أعمال قفصة وسيدي بوزيد وتوزر (المركز الرئيسي قفصة ) 7 مقاعد
الدائرة السابعة عشر عملا قابس وجربة ( المركز الرئيسي قابس) 5 مقاعد
الدائرة الثامنة عشر أعمال ورغمّة و مطماطة وتطاوين ونفزاوة (المركز الرئيسي مدنين 7 مقاعد
أما بخصوص المجلس التأسيسي الثاني والمنتظر فإن الحصيرة حضرت قبل الجامع لذلك وحتى تكون الصلاة داخل الجامع لا خارجه يقع الكلام عنه علما وأن المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 والمنشور بالرائد الرسمي عدد 27 الصادر بتاريخي 19 أفريل 2011 صحيفة 488 أحدث هيئة عليا مستقلة ( هي الأخرى ) لإنتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي لم يصدر بعد المرسوم المتعلق به والسلام .