samedi 19 décembre 2020

6 * COVID - 19 * 6

المرأة والقانون أيام الوباء واضغاث الاغفاء الحلقة السادسة بقلم الهادي كرو ان طلعة النساء الطبيبات بمختلف الاختصاصات وظهورهن في مراكز القيادة ومواطن مقاومة الوباء بشجاعة تعطي الحجة على قدرتهن على حسن تسيير الأمور الصعبة مثل الرجل ان لم يكن احسن منه وهو ما حول وجهتي فتساءلت دون تردد كيف وصلت المرأة الى رتبة تفوق رتبة الرجل أولا ؟ وهل ان مجلة الأحوال الشخصية صالحة للعائلة التي تنتمي اليها الطبيبة ومن هي في منزلتها في المهن والحرف الاخرى ؟ المرأة ووضعيتها الاجتماعية لم تجد المرأة المسلمة نفسها في مرتبة تساوي مرتبة الرجل سواء في الجاهلية او في تشريع بلادها بعد الإسلام . 1 - المرأة في الجاهلية وعهد الإسلام الأول كان فريق من العرب في الجاهلية لا يوّرث النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا وإنما يورث الرجال الكبار. وكان يقول لا يعطى المال إلاّ لمن قاتل على ظهور الخيل وحاز الغنيمة . وكان لتفعيل هذه القاعدة وتطبيقها تأثيرا سلبيا على مصير الارملة بصفة خاصة والمرأة بصفة عامة . والمؤكد أنه لم تكن للمرأة نفس القيمة عند العرب سواء في الجاهلية او في اول الإسلام . لقد ذكر الشيخ الطاهر ابن عاشور انه ثبت في الصحيح ان عمر بن الخطاب قال " كنا معشر المهاجرين قوما نغلب نساءنا فإذا الأنصار قوم تغلبهم نساؤهم فاخذ نساؤنا يتأدبن بأدب نساء الأنصار " . قيل ان النساء سألن الجهاد بقولهن وددنا ان الله جعل لنا الغزو فنصيب من الاجر ما يصيب الرجال فانزل الله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض روي ان سبب نزول هذه الآية قول النساء " ليتنا استوينا مع الرجال في الميراث وشاركناهم في الغزو " وطبعا لم تقع الاستجابة للطلب وصار تفضيل الرجال على النساء عند الفقهاء حكما قطعيا وحقا مكتسبا للرجال على مر العصور والأجيال رغم ان ام المؤمنين ام سلمة كانت من بين النساء اللاتي تمنين ان تمكن النساء من الغزو مثل الرجال والجواب لم يكن نهائيا. المرأة في القرآن ان اعطت المبادئ العامة القرآنية للمرأة قيمة تساوي قيمة الرجل فان الاحكام التفصيلية تعطي الرجل عليها درجة . مبدأ المساواة 1 - ان الآية التي استهلت بها سورة النساء تضع المرأة بصفة مبدئية في مرتبة تساوي مرتبة الرجل . يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رحالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا . 2 – التفضيل خاص بنوازل واقعية ا – الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم ... ( الآية 34 من سورة النساء ب - لم يعرف تشريع العائلة الوضعي قاعدة تقر مساواة المرأة بالرجل وان كانت لها في الواقع قيمة تضاهي قيمة الرجل يضاف لها الاحترام في بعض الاوساط وعند بعض العائلات في كل العصور سندها التربية والأخلاق . من المؤكد ان موضوع المساواة بين الرجل والمرأة له إشارات صريحة في القرآن تفيد انه من مقاصده . والجدير بالملاحظة ان طلب المساواة المعروض على الرسول كان واقعيا ومعللا تعليلا مستساغا سنده تمكين النساء مثل الرجال من الجهاد وركوب الخيل والمشاركة في الغزوات والحروب . لا جدال انه لو وقعت الاستجابة لطلب النساء الرامي الى السماح لهن بالمشاركة في الحروب والغزوات لزال بذلك سبب تفضيل الرجال عليهن في ذلك الوقت وبزواله تصبح المراة مساوية للرجل . الا انه النساء بعد ان طلبن الجهاد قائلين وددنا ان الله جعل لنا الغزو فنصيب من الاجر ما يصيب الرجال فانزل الله تعالى الآية من سورة " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " وقد تأكد ان سبب نزول هذه الآية قول النساء " ليتنا استوينا مع الرجال في الميراث وشاركناهم في الغزو " وطبعا فان عدم الاستجابة للطلب صار امر التفضيل معه قاعدة قطعية عند الفقهاء وهي ميزة وحقا مكتسبا للرجال على مر العصور والأجيال رغم ان ام المؤمنين ام سلمة كانت من بين النساء اللاتي تمنين ان تمكن النساء من الغزو مثل الرجال وهذا يفيد ان طلب المساواة بين الرجل والمرأة يلقى المساندة من زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم . ومن المعلوم ان تفضيل الرجل على المرأة بقي قائما بعد انقضاء زمن الحروب وحلول زمن السلم لان السبب الحقيقي للتفضيل لم يكن شن الحروب والمشاركة فيها وانم الاجل ما تجلبه الحروب من سبايا وما توفره من غنائم تتجسم في النهاية في مقدارها من المال الذي يتحصل عليه المحارب ويعطيه القدرة على الانفاق على غيره . ومن اجل ذلك أصبحت النفقه من واجبات الذكر يدفعها لزوجته ولأولاده القصر ولوالديه وهي سبب تفضيله على المرأة طبقا لما ورد في الآية الكريمة عدد 34 من سورة النساء " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم " ان النفقة واجب يتحمله الرجال والزوج مفضل على زوجته لأنه ينفق عليها . وفي هذا المعنى ينص الفصل 23 من مجلة الاجوال الشخصية على ما يلي على الزوج أن يعامل زوجته بالمعروف ويتجنب الحاق الضرر بها وأن ينفق عليها وعلى أولاده منها على قدر حاله وحالها في عامة الشؤون المشمولة في حقيقة النفقة. والزوجة تسهام في الإنفاق على العائلة إن كان لها مال وعلى الزوجة أن ترعى زوجها باعتباره رئيس العائلة وتطيعه فيما يأمرها به في هذه الحقوق وتقوم بوجباتها الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة. لقد نقح القانون 74 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993 الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية وأصبح نصّه : " على كل واحد من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف ويحسن عشرته ويتجنب إلحاق الضرر به." ويقوم الزوجان بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة ويتعاونان على تسيير شؤون الأسرة وحسن تربية الأبناء وتصريف شؤونهم بما في ذلك التعليم والسفر والمعاملات المالية. وعلى الزوج بصفته رئيس العائلة أن ينفق على الزوجة والأبناء على قدر حاله وحالهم في نطاق مشمولات النفقة. قد يعدّ هذا الفصل ـ بحق ـ ميثاق الزوجية أو دستور الزوجين لما اشتمل عليه من بيان لحقوق كل منهما وواجباته، تلك الواجبات التي يرى فقه القضاء في السنين الأوائل لتطبيق الفصل 23 اثر بدء العمل بمجلة الأحوال الشخصية أنه لا يمكن بحال لعائلة أن تقوم بدورها في المجتمع بدونها. إذ أن المادة 23 من مجلة الأحوال الشخصية أناطت بعهدة كل واحد من الزوجين واجباته قبل الآخر تلك الواجبات التي لا فائدة ترجى من ورائها إن لم تكن متبادلة من الجانبين حتى يكتمل التضامن بين ركني العائلة. لقد اعطى الوباء الحجة على خلاف ذلك وعلى الاختلاف الحاصل بين الواقع والقانون . يعطي القانون للرجال درحة على النساء في حين ان الواقع يثنت ان قيمة المراة لا تقل عن قيهة الرجل بل تفوتها أحيانا . فكيف حققت المراة لنفسها المرتبة التي تحتلها اليوم في المجتمع التونسي ؟ باب العلم مفتوح للجميع لا ينكر احد انه توجد بين الرجل والمرأة اختلاف بالولادة يميز الأول بما يصنفه ذكرا ويميز الثانية بما يصنفها انثى . ولئن كان لكل واحد من الذكر والأنثى مؤهلات ينفرد بها ولا بد ان يشتركا في تفعيلها لتحقيق الهدف فان لهما مؤهلات تمكن كل واحد منهما بان يقوم بمفرده باي عمل يطلبه بمفرده والعلم بالخصوص . وبالفعل ان العلم ليس حكرا على الرجل دون المرأة ولا على السليم دون المعوق وطلبه جائز من المهد الى اللحد ووالسفر اليه محمود ولو الى الصين ( بعد زوال وباء الكورونة طبعا عن موطن انطلاقه وعن العالم كله . من المعلوم ان المرأة بصفة عامة لا تلقى الاحترام من بعض الرجال إلا في المجتمع المثقف ولا تكتسب التقدير في كل الأحوال إلا بالعلم الذي ادركته والبحث الذي قامت به والشهائد العليا التي تحصلت عليها . ولا بد من الاعتراف بالمناسبة ان السياسة التعليمية الوطنية لم تحد عن المنهاج الذي سطره لها الزعيم بورقيبة وبقيت تعامل التلاميذ والطلبة على حد السواء ولا فرق فيها من ناحية التكوين والدراسة بين الرجال والمرأة من الثابت ان الأطباء سواء كانوا رجالا او نساءا يتخرجون من نفس الكليات او من كليات بالمدن الداخلية تطبق نفس البرامج وتسلم نفس الشهائد عند التخرج . والملاحظ في السنين الأخيرة تفوق العنصر النسائي على الرجال من ناحية العدد والصبر والمثابرة على الدراسة والبحث والتكوين في المعاهد الثانوية والكليات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وكل الاختصاصات التي لم يبق فيها ميدان إلا وقصدته المرأة ولم يبق بذلك ميدان حكرا على الرجل . وبديهي ان تطرأ الاسئلة التالية ؟ ما هو الدور الذي لعبته مجلة الأحوال الشخصية في هذا المجال وهل ساهمت في ارتقاء المرأة وتعلمها ؟ هل ان احكام مجلة الأحوال الشخصية مؤهلة لمواكبة الظروف المعيشية والحياة العائلية للطبيبات اللاتي وقع اكتشافهن وهن يحاربن وباء الكورونة وللنساء اللاتي هن في منزلتهن ؟ كيف وصلت المرأة اليوم الى رتبة تجعلها تحتل القيادة لمواجهة حرب الوباء وتتولى قيادة الجيش الذي يضم الرجال والنساء والحال ان مجلة الأحوال الشخصية تضعها في مرتبة ادنى من مرتبة الرجل ؟ ما هي الطريقة التي مكنت المرأة من الارتقاء الى مرتبة الرجل وتتفوق عليه عند الشدائد وفي المواقف الحرجة لا جدال ان المجلة يعتبرها التونسي ذكرا كان او انثى انجازا عظيما وهي عنده مفخرة البلاد وتجسيم التطور الذي بلغته المرأة التونسية ولم تبلغه اي امرأة عربية أخرى . لا يمكن بحال اعتبار هذا الشعور غلطا او غرورا ان المتمعن في حقيقة احكام مجلة الأحوال الشخصية وطبيعتها لا يقبل هذا الرأي بسهولة ولا يقتنع به الاقتناع التام لان المجلة من أساسها هي نقل لأراء الفقهاء أصحاب المذاهب الكبرى وهي اقرب الى عادات الجاهلية من تعاليم الإسلام ومقاصد القرآن . لقد عزز هذا الشعور وقواه انتشار وباء الكورونة بالبلاد وما قام به الاطار الصحي بمختلف هيئاته لمجابهته وخاصة العنصر النسائي الامر الذي يجيز مثل التساءل . هل ان مجلة الأحوال الشخصية مؤهلة لضمان سير حياة الطبيبات الاسرية والنساء الاتي هن في مرتبتهن ؟ كيف ارتقت الطبيبات الى مرتبة فاقت مرتبة الأطباء من الرجال وهل ساهمت احكام مجلة الأحوال الشخصية في هذا الرقي وهل هي مؤهلة لمواكبة التطور الذي حققته الطبيبات والنساء الاتي بلغن مرتبتهن الاجتماعية ؟

dimanche 13 décembre 2020

10 * COVID -19 * 10

مآل المال بعد موت صاحبه زمن الوباء واضغاث الاغفاء الحلقة العاشرة بقلم الهادي كرو لا حديث الا عن وباء الكورونة وانشاره المتزايد وعن المآتم التي أحدثها في الخارج وقد عم الرعب في كل الاوساط والاضطراب النفسي والشعور بقرب المنية , وقد جرني مناخ الحزن والشعور السائد بقرب المنية الى التفكير في الطريقة التي تضمن ان يوزع المال بعد موت صاحبه على الناس الذين اختارهم وبالنسب التي عينعا لهم فتذكرت قوله عز وجل " كتب عليكم اذا حضراحدكم الموت الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف " وتوليت البحث عن احكام المتعلقة بقسمة المال بعد موت صاحبه في القرآن بالأساس حكم المال بعد موت صاحبه https://www.bing.com/images/blob?bcid=RI13ulpPUSwCcQ يوزع المال بعد موت صاحبه إما طبقا لما يريده ويوصى به وإما طبقا لقواعد الميراث التي أقرها القرآن لتوزيع ما تبقى من المال بعد تنفيذ الوصية عند وجودها اوعلى المال كله عند إنعدامها. ولا بد من التاكيد أن الدراسة سواء تعلقت بالوصية أو بالميراث فإنها لا تعتمد الا على اصل واحد من أصول التشريع الإسلامي وهو القرآن . اما الأصول الأخرى مثل السنة والاجماع وغيرهما فان الوقوف عندها يقتضيه البحث لبيان ان الفقهاء استندوا اليها عند تاويل احكام القرآن لتدعيم المفهوم الذي يعطونه للوصية وانظامها التشريعي . ولئن كانت تواجه الإسلام صعوبات تمنع نفاذ التشريع دفعة واحدة قي صيغته النهائية لانه يصطدم مع ما الفه الناس ويتعارض معه ومن اجل ذلك يتوخى القرآن طريق النسخ والتدرج في الاحكام مع الاشارة في سياقها الى الغاية المراد الوصول اليها . لقد توقف نزول الأحكام القرآنية بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وعوض أن يتولى الفقهاء اتمام التشريع متبعين مقاصد القرآن ومراميه اهملوا أغراض الإسلام من التدرج في الأحكام ولم يراعوها بل تمسكوا بأعراف الجاهلية وجعلوا الأحكام القرآنية مطوعة لها وملائمة لأحكام لم يقرها الإسلام . وفي هذا المعنى يمكن الجزم بان ما قام به الفقهاء في موضوع الوصية أصلا وفي الميراث بالتبعية يجعله عملا من صنع الفقهاء لا لايتفق مع الاحكام القرآنية . لقد أحدث الفقهاء أنظمة تشريعية متعددة استمدوها من القرآن والسنة وألاصول المعتمدة عندهم واولوها بما يناسب اراءهم وكونوا منها المذاهب الفقهية . وبعدها توقف التشريع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أغلق باب الإجتهاد ولم يبق للتطور مجال وصارت الدول الإسلامية مخيرة في سنّ قوانينها بين تقنين فقه مذهب أو أكثر من مذهب على غرار ما تمعند اصدار مجلة الأحوال الشخصية الاصلية وبين نقل القوانين الوضعية من التشريع الغربي والفرنسي بالخصوص مثل تنقيح الففصل 31 من مجلة الأحوال الشخصية بال قامنون عدد لسنة 1981 . ومن الأنظمة التشريعية التي وضعها الفقهاء الطرق المتعلقة بكيفية توزيع المال بعد موت صاحبه وهي الوصية والميراث ومن المؤكد ان مفهوم الوصية في المذاهب الفقهية يختلف عن مفهومها في القرآن وهو عندهم اقرب الى عادات الوصية قبل الإسلام احكامها في القرآن . عادات الوصية ما هو نظام قسمة المال بعد موت صاحبه وما هي فلسفته قبل الإسلام وبعده ؟ لا جدال ان طرق توزيع مال الميت سواء قبل الإسلام او بعده كثيرة ومتعددة وهي تختلف من دين الى آخر ومن ملة الى أخرى ومن موصي الى لخر . والوصية عمل معروف قبل الإسلام في الأديان السماوية وفي اعراف العرب وعاداتهم . لم تكن الوثنية قبل البعثة دين كل العرب بل منهم من يعبد الاصنام ومنهم من ينكر عبادتها ومنهم من ينتمي الى دين سماوي كاليهودية والمسيحية ومنهم من لا يعبد صنما ولا يتبع دينا وانما يعيش على الفطرة عند العرب غير اليهود والمسيحيين قبل الاسلام وبعده . لا شك ان الرجوع الى عادات الوصية عند العرب وخصوصا قريش يبين ان المرجو من تفعيلها قبل الإسلام كثيرا ما يكون لمنع قريب من مال قريبه بعد موته وإما لتفضيل قريب على قريب عند توزيع مال القريب الميت حسب ارادته وهذا يتسبب دون شك في إيجاد البغض والعداوة بين الأقرباء . والملاحظ أن أحكام توزيع المال بعد موت صاحبه معروفة في الجاهلية ولا تختلف في جوهرها عن احكام الفقه سواء تعلقت بالوصية او بالميراث اذ هي ترمي في مجملها وحسب النظام الذي تنتمي اليه الى تمتيع الأشخاص المعنيين بقسمة المال بعد وفاة صاحبه دون غيرهم . في الاسلام يستنتج من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأحكام الفقهية المتعلقة بالوصية إن أول تشريع يتعلق بحكم المال بعد موت صاحبه في الإسلام صدر بالآية 180 من سورة البقرة المتعلقة بالوصية . وبالنسبة للمسلمين فان موضوع هذه الآية ليس بالامر الجديد وانما يتعلق بموضوع معروف عندهم وهو الوصية وان سبب نزولها هو بيان ان الوصية تلاقي استعمالا سيئا من اغلب الناس يحقق الظلم وهو مخالف للغرض المرجو من تفعيلها وهو اكرام الاقربين والعدل في فعل الخير . إما القرآن فإنه اهتم بالوصية وطورها وغير جانبا من عادات استعمالها وطبيعة احكامها . ام الفقة فقد وضع للوسية تشريعا احكامه اقرب الى الجاهلية من القرآن . الوصية في القرآن للوصية في سورة البقرة ثلاث آيات وفي سورة المائدة ثلاث آيات 1 ) سورة البقرة وهي مدنية بلا خلاف أولا - الآية 180 من سورة البقرة كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين لقد تولى العلماء تفسير القرآن و التفسير هو بيان مدلول كلام غامض بكلام واضح ويكون للمعنى الظاهر والتاويل للمتشابه فهو ارجاع اللفظ الى الغاية المقصودة منه أي الى معناه والى ما اريد به من معاني ويرى البعض انه لا فرق بين التفسير والتاويل . ان معنى آية الوصية واضح لا يحتاج التاويل ومع ذلك عمد المفسرون والفقهاء الى تاويلها . لقد أول الطبري هذه الآية بما يلي يقول الطبري بتصرف في تأويل هذه الآية : كتب عليكم اي فرض الله عليكم أيها المؤمنون الوصية . إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا والخير هو المال الوصية للوالدين والأقربين الذين لا يرثونه بالمعروف . وان ما أذن الله فيه وأجازه في الوصية ما لا يتجاوز الثلث ولم يتعمّد الموصي ظلم ورثته حقا على المتقين يعني بذلك فرض عليكم هذا وأوجبه وجعله حقا واجبا على من إتقى الله فأطاعه أن يعمل به. وقد كتب عليكم الوصية مثلما كتب عليكم الصيام ( سورة البقرة الآية 183 ) و ( سورة الآية ) . ولا خلاف بين الجميع أن تارك الصيام وهو عليه قادر مضيع بتركه فرضا له عليه فكذالك هو بترك الوصية لوالديه وأقربيه وله ما يوصى لهم به مضيع فرض الله عز وجل . من الجائز والحالة تلك ان يتبادر للذهن السؤال التالي ؟ اين وجد الطبري في القرآن وهو يفسر آية القرآن التي تنص على ما يلي كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين. ان المال الموصى به لا يمكن ان يتجاوز ثلث مال الموصي . واين عثر الطبري على ما يفيد ان المعنيين بالوصية في الآية 180 من سورة النساء هم الاقربون الذين لا يرثون الموصى . ثانيا - الآية 181 من سورة البقرة " فمن بدّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم " معنى الآية حسب الطبري عند تأويله للآية 181 من سورة البقرة ومعنى الكلام انه اذا اوصوا لهم ( أي الوالدين والاقربين) عملا بالآية كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدل ما أوصيتم به لهم بعدما سمعكم توصون لهم فإنما إثم ما فعل من ذلك عليه دونكم . ثالثا ـ الآية 182 من صورة البقرة " فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن لله غفور رحيم." اما الجنف فهو الجور والعدول عن الحق . فمن خاف من موص جنفا أي خاف من موص الخطأ فيتعمد في وصيته الظلم والإثم . قال الطبري في تأويل الآية 182 من سورة البقرة اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية 1) فقال بعضهم : تأويلها فمن حضر مريضا وهو يوصي عند إشرافه على الموت فخاف أن يخطئ في وصيته فيفعل ما ليس له أو أن يعمد جورا فيها فيأمر بما ليس له الأمر به . فلا حرج على من حضر فسمع ذلك منه أن يصلح بينه وبين ورثته بأن يأمرهم بالعدل في وصيته وأن ينهاهم عن منعه مما أذن الله له فيه وأباحه له. 2) وقال آخرون بل معنى ذلك فمن خاف من أوصياء ميت أو والي أمر المسلمين من موص جنفا في وصيته التي أوصى بها الميت، فأصلح بين ورثته وبين الموصي لهم بما أوصى لهم به . فردّ الوصية الي العدل والحق فلا حرج ولا إثم . على كل مهما كان التاويل فان الآية تفيد بصفة لا لبس فيها ان الوصية واجبة على كل مسلم ترك خير بالمعروف بمعنى بقدر يحقق العدل للوالدين والاقربين . ومن الطبيغي ان يلقى السؤال التالي ؟ لماذا لم يقع ذكر الأولاد في آية الوصية وهل انها واجبة للوالدين والاقربين دون الأولاد ؟ يستدعي الجواب عن هذا السؤال المبادرة بالتوضيح التالي لا يمكن اعتبار ان آيات القرآن حتي المتعلقة منها بالمعاملات لا تنزل الا لاجل الحوادث التي تقع وهي معنية بها وبالحكم الخاص بها وانما تنزل الآيات دون حوادث ولغاية الدعوة لما جاء الإسلام من اجله وهو الهداية الى ما فيه صلاح الامة . لذلك لا بد من اعتبار ان نزول القرآن لا يتوقف على وقوع الحوادث لان الداعي لنزوله قي الاصل هو تشريع الاحكام الداعية للفلاح ولتعاليم الإسلام وان نزوله عندما تجد الحوادث يكون جوابا عن سؤال يتعلق بها او تفاعلا مع الحادثة ومقاربتها بما يرضاه الإسلام دون سؤال . ان تشريع الوصية قي سورة البقرة احسن دليل على ان آياتها لم تنزل من اجل حوادث جدت وفتها وانما نزلت لحث الناس على حسن استعمالها وتجنب التنكيل بالقريب وتفضيل قريب على قريب واغفال قريب واهماله وتوخي العدل حتى لا تقع الإساءة للقريب . واحسن دليل على نزول آيات القرآن من اجل حوادث وقعت هو تشريع توثيق الوصية في سورة المائدة سورة المائدة أولا - الآية 106 من سورة المائدة " يا أيها اللذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية إثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن إرتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين" ثانيا - الاية 107 من سورة المائدة فان عثر على انهما استحقا اثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الاولين فيقسمان بالله لشهدتنا احق من شهادتهما وما اعتدينا انا اذن لمن الظالم ثالثا - سورة المائدة الاية 108 " ذلك ادنى ان ياتوا بالشهادة على وجههما او يخافوا ان ترد ايمن بعد ايمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين " لم تنزل آيات التوثيق للوصية جوابا عن سؤال يتعلق بقضية وقعت وقتها وانما بمباسبة قضية جدت ولم ينتج عنها سؤال بل تعامل معها الوحي مؤكدا اهتمام القرآن بالوصية للمكانة المرموقة التي تحتلها في المجتمع وللخدمة الجليلة التي توفرها فاصبح الاثبات بالكتابة بعد ان كان بالشهادة اتعاضا بوقائع القضية التالية يفيد الامام جلال الدين السيوطي في كتابه أسباب النزول دار ابن زيدزن للطباعة والنشر بيروت والتوزيع الطبعة الأولى صحيفة 120 ان تميم وعدي نصرانيان كانا يتجران بين الشام ومكة والمدينة خرجا في السنة التاسعة للهجرة من المدينة للتجارة بالشام ومعهما بديل وكان مسلما فاشتد المرض ببديل وعندها اخذ صحيفة وكتب ما عنده من امتعة وفيها جام من فضة مخوص بالذهب ودسها في مطاوي امتعته ودفع ما عنده الى تميم وعدي واوصاهما ان يبلغاه الى اهله فلما رجعا باعا الجام بمكة بالف درهم ورجعا الى المدينة فدفعا ما لبديل الى اهله فوجدوا الصحيفة ولم يجدوا الجام . قال نديم وعدي سالونا عن الجام فقلنا ما ترك غير هذا زما دفع غبره . ثم قال تميم فلما اسلمت تاثمت فاتيت اهله فخبرتهم الخبر ودفعت اليهم خمسمائة درهم واخبرتهم ان عند صاحبي مثلها فاتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسالهم البينة فلم يجدوا فامرهم ان يستحلفوه فحلف فانزل الله يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم الى قوله ان ترد ايمان بعد ايمانهم فقام عمر بن العاص ورجل فحلفا فنزعت الخمسمائة درهم من عدي وهكذا فان في هذه الآيات من سورة المائدة وهي مدنية أحكام التوثيق للوصية المتممة لتشويع الوصية الذي تضمنته سورة البقرة . والوصية جديرة بالتوثيق لها لأن البيوع والديون فيهما جانبان عالمان بصورة من عقد في حين ان الوصية فيها جانبان يكون احدهما قد مات وقت تنفيدها وهو الموصي وقد لا يكون الثاني وهو الموصى له على علم بها . الأولاد والوصية ان الآية 180 من سورة البقرة ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ) هي من الاحكام الجديدة التي سنها الإسلام وطلب القرآن تطبيقها بواسطة الوصية ولفائدة الوالدين والاقريين بصفة عادلة على المال الذي يتركه المتوفى . ومن الجائز ان يتسائل الانسان عن الأولاد لمادا لم يشملهم تشريع الوصيف في القرآن لا ننسى ان تشريع الوصية جاء في القرآن بمثابة الرد على سوء استعمال الوصية خاصة عندما يقصد بها إعطاء المال للاباعد للفخرة والتنكيل بالقريب والعداوة التي تحدثها بين الأقارب . وهذه العادة من الممكن ان تكون سبب عدم ذكر الأولاد في آية الوصية لان الذين هم في حاجة الى ان تشملهم الوصية بالمعروف هم الوالدان والاقربون لانهم كانوا اما محرومين منها او مبخوسين عندما يوصى لهم لذلك طلب الله من الموصى العدل في وصيته وهو القصد من قوله عز وجل بالمعروف . اما الأولاد فما هو متداول عند العرب ان الولد الذكر او الأولاد الذكور ادا مات ابوهم استاثروا بماله . واذا لم يكن للميت ذكرا او ذكورا يستاثر بالمال اقرب الذكور للميت ويحرم البنات وخاصة اخوه . ومن اجل ذلك كان الذكور من الأولاد هم المستفيدون بالمال عرفا او بوصية الوالد . ولعل بقاء البنت محرومة من مال ابيها بعد موته لم يحن وقت زواله الى ان زلت الآية من سورة يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ونيجة لطريقة التدرج في الاحكام المتبعة من القرآن فقد انتقلت البنت من العدم الى النصف في مرحلة أولى . تفضيل الوصية على الميراث لا جدال أن ألاسلام يعتبر الوصية الطريقة الاصلية والفضلى لتوزيع مال الميت حسب إرادة صاحبه والدليل على ذلك نزول الآية المنظمة للوصية وهي الآية 180 من سورة البقرة قبل آيات الميراث وهي الآية من سورة النساء وان تأخر نزول أحكام الميراث في الزمن على أحكام الوصية في القرآن - أولا - واعتبار الفقهاء أن الآيات المتعلقة بالميواث نسخت بلأيات المتعلقة بالوصية علما وان الناسخ يسبقه المنسوخ . نسخ آيات الوصية غير ثابت حتى يثبت وقوع النسخ لا بد ان نجد فرقا واختلافا بين أحكام الوصية المنسوخة وبين احكام الميراث الناسخة وهذا الامر منعدم لإنه عند وجود الوصية تتم المبادرة بتنفيذها حسب ما هو معمول به و يقع بعد ذلك تنفيذ أحكام الميراث عند الاقتضاء دون ان تتناقض احكامهما . وهكذا يتضح ان احكام المواريث تطبق على ما بقي من التركة بعد تنفيذ الوصية اوعلى التركة كلها عند انعدام الوصية دون ان تتعارض احكام الأولى مع احكام الثانية. كما يتضح ـ ايضا ـ أنه يترتب عن اعتبار احكام الوصية منسوخة وقوع الحد من إرادة صاحب المال بتقييد حريته في اختيار الأشخاص الذين يقرر صرف ماله لهم بعد وفاته وبالقدر الذي يرضاه وقد كتب عليه الفرآن القيام بهذا الاجراء وتوخي العدل في توزيع المال . ورغم ذلك يرى اغلب الفقهاء ان آيات الوصية منسوخة بآيات المواريث . وفي هذا المعنى يقول الطبري : ان جماعة من أهل العلم قالوا الوصية للوالدين والأقربين منسوخة وخالفهم جماعة قالوا هي محكمة غير منسوخة بآية الميراث. إذا كان يوجد في موصوع النسخ اختلاف وتنازع بين أهل العلم لم عندها لا يمكننا الحكم علي أن آيات الوصية منسوخة إلا بحجة يجب التسليم لها ان كان غير مستحيل إجتماع حكم هذه الآيات وحكم آيات المواريث في حال واحدة على صحة بغير مدافعة حكم أحدهما حكم الأخرى وكان الناسخ والمنسوخ هما المعنيان اللذان لايجوزاجتماع حكمهما على صحة في حالة واحدة لنفي أحدهما صاحبه. وحتى يتاكد ثبوت هل ان آيات الوصية منسوخة بآيات المواريث ام لا نحكم ما قاله في الموضوع النسخ بصفة عامة إبن تيمية في مجموع فتاوي ابن تيمية الجزء 17 ص 196 تحت عنوان علم الناسخ والمنسوخ ـ نسخ القرآن بالقرآن ان الصحابة والتابعين لا يذكورون نسخ القرآن بالقرآن كما ان الذين جاوزوا نسخ القرآن بالقرآن هم من أهل الكلام والرأي عمدتهم أنه ليس في العقل ما يحيل ذلك . ويكون الناسخ مهيمنا على المنسوخ قاض عليه ومقدم عليه وينبغي أن يكون مثله أو خيرا منه كما أخبر بذلك القرآن الكريم في ( الآية 106 من سورة البقرة ) " ما ننسخ من آية او ننسها نات بخير منها او مثلها " فلو كانت السنة ناسخة للكتاب لزم أن تكون مثله أو أفضل منه . والغريب في الامر ان النسخ لم يات على آية الوصية بأكملها وانما ابطل العمل بجزء منها وضيق مجال العمل بالجزء الثاني منها . وهو ما نجده في التاويل القائل ان قي الآية " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقٌربين " دليل واضح على ان الوصية جعلت للوالدين والأقربين ومع ذلك يوجد من يقول تم نسخ ذلك بعد ذلك فجعل للوالدين نصيبا مفروضا . وهكذا صارت الوصية لذوي القرابة الذين لا يرثون وجعل للوالدين نصيبا معلوما ولا تجوز وصية لوارث وهو ما لا يوجد في ألقرآن . اما ابن الخطيب فانه يؤول الآية 180 من سورة البقرة بما يلي قيل : من مات ولم يوص لذوي قرابته فقد ختم عمله بمعصية. وقيل : حضر من قال رجلا فوصى بأشياء لا تنبغي فقال له : إن الله قد قسم بينكم فأحسن القسم . وإنه من يرغب برأيه عن رأي الله يضله أوصى لذي قرابتك ممن لا يرثك ثم دع المال على ما قسمه الله عليه . وهكذا أصبحت الوصية للوالدين والأقربين منسوخة بأيات المواريث كما اتفق على ذلك السلف. ومن الثابت ان القرآن لا يوحي بهذا التمشي وان اهتمامه بتوزيع مال الميت يفيد بصفة لا لبس فيها وجوب توخي الطريقة الضامنة للعدل والمساواة في قسمة مال الميت على مستحقيه وهي الوصية . عوض أن يعمل الفقهاء على تحقيق ما تشير اليه الأيات القرآنية بوضوح وتوصي صراحة وضمنيا بتحقيقه في النهاية وهو العدل والمساواة في توزيع المال بعد موت صاحبه فانهم عمدوا الى تطويع الأحكام القرآنية وجعلها ملائمة لعادات الجاهلية التي يحنون لها معتبرين أحكام الميراث هي الأصل في حين أن الإسلام فضل عليها أحكام الوصية واعتبر الايصاء امرا مكتوبا على الانسان . والغريب في الامر أن المفسرين لا يقفون عند تأويل الأيات القرآنية ومنها آية الوصية عند المفهوم المقصود من القرآن وقت نزولها والهدف المراد بلوغه من حكمها بل يهملون معنى الاية وما جاءت من اجله وتوصي اما بالقيام به او بأبطال العمل به ويعمدون بصفة كادت تكون متحدة لدى جميع المفسرين أمثال ابن الخطيب وابن كثير والقرطبي وابن عاشور وغيرهم على إعطاء الآية تأويلا يتماشى مع راي الفقهاء من المسالة . ومن أجل ذلك لا تعطي كتب التفسير مفهوم المسالة في القرآن بل ينقلون مباشرة موقف الفقهاء باعتباره التشريع الذي اقره الإسلام للوصية . وقد استمد الفقهاء هذا التشريع من القرآن والسنة والاصول المعتمدة عندهم وعادات الجاهلية التي ما زالوا يحنون اليها . لقد طوع الفقهاء في النهاية احكام القرآن المتعلفة بالوصية واولوها بما يتماشى مع رايهم استنادا الى السنة بالخصوص ومصادر أخرى وتبنت المداهب الفقهية المفهوم الجديد للوصية مع اختلاف بينها في الفروع وهو ما نقلته مجلة الأحوال الشخصية . وهكذا أصبحت كتب الفقه والتفسير لا تتعرض بالمرة لمفهوم الوصية في القرآن وانما لمفهومها الفقهي . من ذلك مثلا أن جل المفسرين عند تاويل الآية 180 من سورة البقرة المتعلقة بالوصية يذكرون انها منسوخة بأيات الميراث من سورة النساء ويلحقون بها احكاما ما نزلت بها احكام القرآن ويشرعون للوصية أحكاما لم يذكرها القرآن ولم يشر اليها مثل لا وصية لوارث ولا وصية لغير الوارث بما يتجاوز ثلث مال الموصي وبذلك يمكن القول انه لا يجوز لمن يفسر القرآن بان يفسره بما لم يذكره القرآن صراحة او ضمنيا . الموصي له شريك الوارث من المؤكد ان لفظ الشريك في التركة لا يمكن ان يطلق على كل من الدائن والموصى له والوارث لان الشريك في القانون لا بد ان يكون صاحب سهم في المشترك في حين ان الوصية لا تنفذ ادا استغرق الدين كل التركة ولم يبق منها شيئ . واذا بقي في التركة مال بعد خلاص الدين يقع تنفيذ الوصية والمال الباق يقسم بين التركة . ومع ذلك ومع ذلك يعتبرهم الفقه شركاء . وفي هذا المعنى نجد في تفسير الطبري للآية 12 من سورة النساء ما يلي . يقول الطبري : يعنى بقوله تعالى ذكره : ...فرض عليكم أيها المؤمنون الوصية إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا ( والخير المال ) للوالدين والأقربين ( الذين لا يرثونه ) بالمعروف وهو ما أذن الله فيه وإجازه في الوصية مما لم يجاوز الثلث ... يقول الطبري : يعنى بقوله تعالى ذكره : ...فرض عليكم أيها المؤمنون الوصية إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا ( والخير المال ) للوالدين والأقربين ( الذين لا يرثونه ) بالمعروف وهو ما أذن الله فيه وإجازه في الوصية مما لم يجاوز الثلث ... يواصل الطبري فيقول : ثمّ جعل ( أي الله عزّ وجلّ) أهل الوصايا بعد قضاء دينه (أي دين الميت) شركاء ورثته فيما بقي مما أوصى لهم به ما لم يجاوز ذلك ثلثه . فإن جاوز ذلك ثلثه جعل الخيار في إجازة ما زاد على الثلث من ذلك أو ردّه إلى ورثته أن أحبوا أجازوا الزيادة على ثلث ذلك وإن شاؤؤا ردوه. فإما ما كان من ذلك إلى الثلث فهو ماض عليهم وعلى كل ما قلنا من ذلك الأمة مجتمعة. لا جدال أن جلّ المفسرين الآخرين يؤولون قوله تعالى في الآية 180 من سورة البقرة " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ". لا نجد هذه الأحكام التي اقرها الفقهاء في الآية القرآنية السابقة ولا في غيرها من الأيات الأخرى الوصية في الفقه عند الأحناف والشافعية والحنابلية تجوز الوصية للوارث الوصية للوارث صحيحة لكنها موقوفة على إجازة باقي الورثة بعد الموت إما عند المالكية فالوصية للوارث باطلة وإن أجاز الورثة الوصية فهي هبة اما لغير الوارث فان الوصية جائزة بثلث المال ونافذة بأقل . وإذا زادت الوصية على الثلث يتوقف الزائد عن الثلث على إجازة الورثة 7777 77 ـ قيل لم ينسخ الله شيئا من حكم الوصية إنما هي آية ظاهرها ظاهر عموم فب كل والد ووالدة والقريب ، المراد بها في الحكم البعض منهم دون الجميع. من الثابت ان الفقهاء اتفقوا على أن الوصية لا تكون لوارث استنادا الى حديثين لا يصلحان لنسخ القرآن لانهما خبرا احاد ومن المؤكد ان السنة لا تنسخ القرآن ولو كإنت من قبيل المتواتر فما بالك بخبر الآحاد وهو امر لا يبرر تغليب احكام المواريث على احكام الوصية . ـ مجلة الحقوق العينية الفصل 1 : المال هو كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون ومن شأنه أن يكون موضوع حق ذي قيمة نقدية. الفصل 2 : ينقسم المال الى عقار ومنقول الفصل 17 : الملكية هو الحق الذي يخوّل صاحب الشيء وحده استعماله واستغلاله والتفويت فيه sissuba te.. –susu الوصية الواجبة : الوصية تعويض عن الحرمان من الميراث ( أنظر الوصية والتبني ص 5) نزلت الآية : " ولكلّ جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون في اللذين كانوا يتمنون رجالا غير أبنائهم ويورثونهم فأنزل الله تعالى فيهم أن يجعل لهم نصيبا في الوصية " وردّ الله تعالى الميراث الى الموالي من ذوي الرحم والعصبة وأبى أن يجعل للمدعبن ميراث من إدعاهم ويتمناهم ولكن جعل نصيبا في الوصية. أسباب النزول ص 86 ف 2 الكلالة ص 107. الوصية في مجلة الأحوال الشخصية لئن صدرت مجلة الأحوال الشخصية بامر الباي المؤرخ في 13 اوت 1956 فقد نقحت وتممت بنصوص أهمها القانون عدد 77 لسنة 1959 المؤرخ في 19 حويلية 1959 وقد أضاف الكتاب الحادي عشر لمجلة الأحوال الشخصية و المؤسس لقاعدة الرد في الميراث والوصية الواجبة والوصايا والمنشور بالرائد الرسمي الصادر يومي 23 و26 جوان 1959 . القانون عدد 17 لسنة 1964 المؤرخ في 28 ماي 1964 الذي ألحق الكتاب الثاني عشر بنص مجلة الأحوال الشخصية المتعلق بالهبة . والملاحظ ان هذه التنقيحات تممت مجلة الأحوال الشخصية بما يتلائم مع نصها الأصلي روحا وقالبا وبما يتماشى مع مقاصدها دون تاثير على مفهومها المعهود . وليس من شك في أن أحكام الوصية المعمول بها في القانون الوضعي والمضمنة خصوصا بالفصول 171 الى 199 من مجلة الأحوال الشخصية ماخوذة من المذهب المالكي خاصة وان هذا المذهب مثل بقية المذاهب السنية الأخرى غلب الميراث على الوصية عند قسمة المال بعد موت صاحبه . اعيد ما سبق ان قلته ان انتشار وباء الكورونة وما احدثه من رعب واضطراب نفساني وشعور بقرب المنية والاحساس بحضور الموت وتفشي أسبابه دعاني الى التفكير والبحث في الوسيلة القانونية الكفيلة بتوزيع المال بعد موت صاحبه فتيقنت ان الوصية للوالدين والاقربين التي كتبها الله عز وجل على من حضره الموت هي ان الأنسب للطرف الحالي فرجعت توا الى القرآن الكريم وأسباب النزول وكتب التفسير وكل ما تطلبه البحث لاداد الدراسة التالية الا انه سرعان ما تبدد حلمي وخاب ظني لان مجلة الأحوال الشخصية غير مؤهلة لنجدة من حضره الموت واراد العمل بالوصية التي كتبها الله عليه لان الاحكام التي نقلتها ليست احكام القرآن وانما اراء الفقهاء

9 * COVID -19 * 9

القانون والخمر أ hيام الوباء واضغاث الغفاء الحلقة التاسعة ب بقلم الهادي كرو المفروض ان يتقيد البحث بوقائع قضية الكونوليا ويبين القانون المنطبق عليها الا انه نظرا للعناية من البداية بموقف الدولة من الخمر وانتاجها وبيعها يتم التعرض للاحكام القانونية المتعلقة بالخمر بصفة عامة . ان المتسبب في واقعة الكونوليا وفي الاضرار الاحقة بضحاياها ينطبق عليه الفصل 215 من المجلة الجزائية الانسان الذي بدون قصد القتل يتعمد إعطاء غيره مواد او يتعمد مباشرات او عمليات تؤثر له مرضا او عجزا عن الخدمة يستوجب العقوبات المقررة للضرب والجرح حسب الفروق المقررة بالفصلين 218 و219 من المجلة الجزائية واما شرب الخمر فمن المؤكد ان المشرع لم يحور بعد الاستقلال وعن قصد القوانين الجزائية المتعلقة بشرب الخمر وعقابه لان الموضوع محرج بالنسبة اليه وصعب لتعلقه بماده يحرم القرآن شربها ويكتفي الفقهاء غير المتشددين بتطبيق نفس الحكم على من يتولى استثمارها وبيعها خلافا لمن يحجر منهم كل التعامل معها مثل شرائها لشاربها وحملها والجلوس مع الندامى الى غير ذلك . بالرجوع الى القوانين الجزائية المتعلقة بالخمر يتبين ان المشرع وقت الحماية يعتبر الخمر مادة جديرة بالحماية القانونية لان استثمارها يتولى ادارته حانب كبير منه المعمرون الفرنسيون وهو يدر أموالا طائلة على الحزينة العامة ولان تعاطيها الهادئ عنوان على ان شاربها متحضر ومؤدب ولا يعاقب الا عندما يثبت خلاف ذلك . وبعد الاستقلال تكفلت الساطة بإنتاج المحرمات وادارتها وبيعها ومن بينها الخمر مصدر قوتها وسبب ثرائها وثراء من تحبه وتمن عليه برخصة استغلالها وتوزيعها وبيعها وقد عوّض المعمّر الفرنسي. 1 - عقاب شرب الخمر يتضح من القوانين المتعلقة بالخمر انه عندما يخلو محيط شرب الخمر من الهدوء ويشوب جوه الهرج عندئذ يتدخل القانون الجزائي وبالخصوص الفصل 317 من القسم الرابع المتعلق بالاداب العامة من الكتاب الثالث المخصص للمخالفات في المجلة الجزائية ويجرم نتائج تعاطي هذه المادة ويعاقب عليه . ينص الفصل 317 من المجلة الجزاية على ما يلي يعاقب بالعقوبات المذكورة : أولا : الأشخاص الذين يناولون مشروبات كحولية لمسلمين أو لأناس بحالة سكر، ثانيا : كل من وجد بحالة سكر واضح بالطريق العام أو بجميع الأماكن العامة الأخرى، ( نقحت بالأمر المؤرخ في 13 أفريل 1943 والملاحظ ان الفقرة الثانية من الفصل 317 كانت تنص وقت صدورالمجلة يوم 9 جويلية 1913 وقبل تنقيحها على ان الأشخاص الذين يوجدون بالطريق العام بحالة سكر واضح . لا جدال ان القانون يعتبر جرائم الخمر المذكورة جرائم خفيفة لانها من المخالفات علما وان الجرائم تنقسم حسب خطورتها الى جناية وجنحة ومخالفة . ان القانون لا يعاقب الا عند سوء بيع الخمر وسوء شربها . اما البيع السيء والمحجر فانه يثبت في حالتين اثنتين تتعلق كل واحدة منهما بصفة الشخص الذي تباع له الخمر . أولا . اذا كان الشخص في حالة سكر ( مسلما او غير مسلم ) ثانيا اذا كان هذا الشخص مسلما ( وليس في حالة سكر فانه يعامل كانه في حالة سكر طبقا للفقرة السابقة ) يتوفر الركن المكون للجريمة بعد ان يثبت في الحين لدى بائع الخمر وجود حالة السكر المانعة للبيع عند من يطلب تزويده بالخمر . ولمعرفة هل الحريف مسلم او غير المسلم قان المطلوب من الساقي او بائع الخمر ان لا يبيعها لمن يرتدي لباسا لا يلبسه الا المسلم بصرف النظر عن نزعه واخغائه مثل الكبوس والشاشية والعمامة واللحفة . ولا بد من التذكير ان اللباس المذكور قديم بالنسبة لعامة الناس ويرجع عهده الى الزمن الغابر المتراوح بين سنة 1913 السنة التي صدرت فيها المجلة الجزائية وسنة 1956 السنة التي استقلت فيها البلاد لقد يوجد بين لباس المسلم ولباس غير المسلم في ذلك الزمن فرق والفرق بينهما شاسع لا. لقد كان من الممكن الاهتداء بسهولة الى دين الشخص من لباسه خلافا لما أصبح عليه الامر بعد الاستقلال واما بعد الثورة فحدث ولا حرج . لئن كان اللباس ضروبا فقد شب الناس على اعتبار ان للذكر لباس لا يلبسه الا الذكر وللانثى لباس من العار ان يلبسه الذكر ولباس المسلم متاثر بالدين يختلف عن لباس غيرالمسلم فقد أصبحت حال اللباس اليوم تشهد فيما يصنف للنساء نقصا في الطول وشحا في الانبساط و قبح في اللونه و وخفة في النزع . اما الرجال فقد لبس المسلمون بعد الاستقلال لباس الرجل الأوروبي وبعد الثورة انتهى الامر بالاكتفاء في اللباس على نوع من الساويل الرعاة في أمريكا وتميز الشباب وبعض الشيوخ بخاصية تمزيقه اثر شرائه كي تبقى الركبتان عاريتان وقت البرد والحر . ما هو القصد من ذلك ؟ من الثابت ان الركوع اثناء الصلاة يتطلب زيادة عن قماش السراويل سجادة اضافية . والمؤكد زيادة على ما ذكر ان اللباس بصرف النظرعن نوعه رجالي او نسايئ فقد اصبح لباسا للذكر وللانثى على حد السواء عند البعض وخاصة منهم الذكور الذين تراهم ضيوفا على الدوام في برامج تلفزية ياتونها متبرجين في لباس نسايئ معزز بقرط في الاذن وشعر يحكي ذيل الحصان مع صوت وحركات تعجز عنها البنات . اما القبعة التي لا يطيق الرجل المسلم ان تقع على راسه لان لابسها يمنع الركوع لله وقت الصلاة فاذا بها اليوم تغطي الكثير من رؤوس الشباب والكهول وحتى الشيوخ الذين تفننوا في اختيار مادتها ولونها وكبر حجمها . ةكثير ما يطل على من يشاهد التلفزة شيخ مسلم على هامته قبعة تغطي راسه وكتفيه لها عظمة وحجما لا يجرؤ على الظهور بها شريف اوروبي او راهب مسيحي . ان هذا السلوك فيه اعتداء على المشاهد وعدم احترام له لا تبرره مقولة وللناس فيما يعشقون مذاهب . ان العودة لموضوع الدراسة تمليه وجوب بيان موقف القانون من الخمر ومن وسيلة اثبات ديانة الشخص الذي يطلب تمكينه من مشروبات كحولية هل هو مسلم ام لا ؟ وبها يتم الوصول الى حالة السكر التي تمنع بيع الخمر لمن هو عليها . اما حالة السكر فاان المسؤول عنها وعن تقديرها هو الشخص الذي يناول المشروبات الكحولية لمن هو بحالة سكر . بكل بساطة ان وسائل اثبات حالة السكر لم يضبها القانون وانما يرجع امرها الى الواقع والى لغة السكران وطبيعة كلامه هل فيه ارتخاء وتلعثم ام لا ؟ وهل في حركاته ارتعاش ومشيته التواء . يلقى ركن الجريمة المتعلق بحالة السكر التي يكون عليها من يطلب تزويده بها مفاهيم متعددة . ما هي المصلحة من منع بيع الشرب ؟ ان مصلحة من يطلب تزويده بالخمر وهو في حالة السكر تقتضي صده عن مواصلة الشرب حتى لا يلحق به الضرر او يفقد وعيه فيسيء معاملة غيره من الممكن أيضا اعتبار ان القانون لا يعاقب على شرب الخمر وانما يعاقب على سوء شربها المتمثل في الظهور في حالة سكر في الطريق العام في مرحلة أولى ثم في الأماكن العمومية بعد التنقيح لذا يتعين البحث عن حال السكر المخالفة للقانون والمعاقب عليها بعد شرب الخمر . . لقد اعتبرت محكمة التعقيب ان نص الفقرة الأولى من الفصل 327 من المجلة الجزائية يتعلق بالمكان الذي يضبط فيه السكران فهو لا ينطبق قبل تنقيحه على من يوجد بحالة سكر بحانوت حلاق وكذلك بمكتب العامل لان هذا المكتب ليس بطريق عام . اما بعد التنقيح فان اغلب الاحكام الصادرة في الموضوع تفيد انه كي توفر اركان جريمة السكر لا بد ان تقع معاينة المتهم بحالة سكر من طرف أعوان الامن وضبطه بتلك الحالة بمكان عمومي . وعلي هذا الأساس لا بد ان يبين بمستندات الحكم ان السكر المنسوب للمتهم او المعترف به من طرفه هو من قبيل السكر الواضح الوارد بالفصل 317 من المجلة الجزائية . والملاحظ انه اذا ارتكب السكر مرة ثانية فالعقاب يكون بأقصى العقزبات المذكورة والمقررة بالفصل 317 من المجلة الجزائية . وتتولد عن المخالفة جنحة عند تكرر ارتكاب السكر فيما بعد يوجب العقاب بالسجن مدة ستة اشهر حسب الفصل 52 من نفس المجلة . سكر سائق السيارة اما السياقة تحت تاثير الكحول فان القانون المؤرخ في 12 اوت 2009 يعاقب بالسحن لمدة أقصاها ستة اشهر وبخطية تتراوح بين 200 و500 دينارا او بإحدى العقوبتين من يرتكب جنحة السياقة تحت تاثير حالة كحولية . يعتبر السائق تحت تاثير حالة كحولية عندما يثبت وجود نسبة تساوي او تفوق 0.3 غرام من الكحول الصاقي في اللتر الواحد من الدم حسب امر حكومي يحدده . وعلى هذا الاساس لا يلجا للتحليل الا عند حصول الشك في حالة السكر ان عدم مؤاخذة السائق من اجل تهمة السكر الواضح لا يقوم حجة على انتفاء حالة السكر المتسببة في الحادث لا سيما وقد اسفر تحليل الدم عن نتيجة إيجابية لان مخالفة السكر لا تتكون الا بتوفر ركنين أساسيين هما ظهور حالة السكرعلى شاربه ووجوده بالطريق العام او بالاماكن العمومية وعليه مجرد تناول الخمر لا تتكون منه مخالفة السكر الواضح ما لم تقع معاينة ظهور السكر والقانون لا يشترط ان يكون السكر مصحوبا بالهرج والتشويش 2 - بيع المشروبات الكحولية لا جدال في ان تجارة الخمر تدر مثل تجارة كل محظور أخر أموالا طائلة على الخزينة العامة . ان بيع المشروبات الكحولية المعدة للحمل تختص الحكومة باستغلالها وترخص في تعاطيه لمن تشاء. وقد ضبط القانون عدد 14 لسنة 1998 شروط اسناد الرخصة وسحبها بقرار مشترك بين الوزيرين المكلفين بالداخلية والتجارة مقابل معلوم استغلال سنوي مسبق الدفع عن كل نقطة بيع . ويعاقب كل من يتعاطى تجارة المشروبات الكحولية المعدة للحمل بدون رخصة بالسجن مدة تتراوح بين ثلاثة اشهر وعام واحد وبخطية بين مائة والف دينار. ويتحتم الحكم بأقصى العقوبتين في صورة العود . والمحاولة موحبة للغقاب . ويعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضي خمسة أعوام على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو على سقوطه بمرور الزمن القانوني. ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة عشرة أعوام فما فوق

8 * COVID -19 * 8

فاجعة الكلونية ايام الوباء واضغاث الغفاء الحلقة الثامنة بقلم الهادي كرو أذيع يوم الاثنين 25 ماي 2020 خبر الاحداث المؤلمة التي جدت بولاية القيروان وبالتحديد بمنطقة السوايحية من معتمدية جلمة وبمنطقة الأبيض من معتمدية حاجب العيون يوم عيد الفطر واصيب فيها بالتسمم ما يزيد عن السبعين شخصا توفي منهم سبعة من بينهم ثلاثة اشقاء مات احدهم بالمنزل والاثنان الآخران بمستشفى القيروان وفقد ثلاثة بصرهم ووزع الباقون للعلاج على المستشفيات الجامعية بعدة ولايات . وبعيدا عن ان تكون جرثومة الكورونا هي سبب هذه المصيبة فقد كشف اسبابها العديدة اللقاء الذي جمع ضحايا المناطق المعنية يوم عيد الفطر لشرب مادة مسكرة يقدرون على شرائها وهم يعملون بقول مالك ابن انس " على قدر كسائي امد رجلي " . ومن المؤسف ان التحاليل المخبرية اثبتت ان البضاعة التي بيعت لهم هذه المرة هي في الحقيقة خليط من سائل الكحول الممزوج بمادة كمياوية سامة وليست قوارص او كونوليا . الكونوليا ان لفظ الكونوليا متات من اسم مدينة كولونيئ الألمانية التي عاش بها المسمى جان ماري فارينا في القرن السابع عشر ومات بها وهو رجل إيطالي الأصل مختص في صناعة العطور وواخترع عطرا روجه تجاريا ورثته واشتهر عالميا واصبح يطلق عليه اسم " ماء كولونيا " وهي اليوم في البلاد التونسية كل عطر يحتوي من اربع الى ست في المائة من الكحول معروف بتركيبات والوان مختلفة يصنع محليا من قديم الزمان وبالخصوص في مدينة صفاقس ويسمى الكونوليا او القوارص . وحاشا القوارص الفواحة ان تكون قد تسببت في الكارثة المذكورة بعد ان اثنتت التحاليل المخبرية ان ان الشراب الذي بيع باعتباره قوارص هو سائل من صنع اليد التونسية شوهت روح القوارص وحولت وجهتها عن الغرض الفواح الذي اعدت له وهو التعطر بالرائحة الذكية الحسنة وادخلت على تركيبتها تغييرا عشوائيا خلق الى جانب القوارص والكونوليا الاصلية ذات الاستعمال الخارجي القوارص والكونوليا تشرب وتجلب الثمل لمن يبلعها . من المعلوم ان هذه المادة المسكرة تسبب في وجودها موقف الدولة الرسمي من الخمر والسياسة المتبعة من السلطة الحاكمة عند انتاجها وطنيا وبيعها وترويجها جهويا دون ان تأخذ بعين الاعتبار ميول بعض الناس لها اما فطريا واما هروبا من الوضع الاجتماعي المتردي الذي يعيشه الشباب والخمر هي الملجا الأقل خطرا قبل وقوع هذه الحادثة من الهجرة على زوارق الموت اوالانتماء الى منظمات الإرهاب . لقد كان يوم 28 ماي 2020 يوم غضب في بلدة حاجب العيون انتظمت خلاله مسيرة حاشدة تدعوا الى العصيان المدني وأغلقت أبواب عديد الإدارات بالجهة وطلب المحتشدون من السلطة ايجاد التنمية بالجهة وتشغيل الشباب واعدين بالتصعيد وملوحين بما لا تحمد عقباه وبالمناسبة لا بد من الاعتراف ان الشباب في كل الولايات المهمشة منها وغير المهمشة وبداية من العاصمة تعود بنسب متفاوتة ومنذ سنين خلت وبالخصوص بعد الثورة على استهلاك أنواع عديدة من المواد المسكرة والخدرة . ويعتبر البعض ان تفشي هذه الظاهرة في أوساط الشباب المتعلم والعاطل عن العمل بالخصوص امر عادي لانه فضل البقاء بين اهله وذويه على ان يهاجر على قوارب الموت او يننتمي الى الارهاب ليقتل ويتقتل فاذا به يقع في الإدمان بعد ان تعود على استهلاك المادة التي تلهيه عن التفكير في عجزه وعدم قدرته على ان يعين والدبه واهله ماديا وان يوفر ما يقدر عليه لمنطقته المحرومة من الماء الصالح للشراب ومن كل انتاج ومن ابسط مرافق العيش . من المعلوم ان بعض الناس في البلاد التونسية وفي الولايات المهمشة بالخصوص اعتادوا شرب الكحول اما لغلاء الخمر واما ردا على قرار الحكومة عدم فتح نقاط بيع للخمربالمكان مثل ولاية القيروان اعتبارا لميزتها الدينية . ان مثل هذا القرار دليل على جهل الحكومة بحقائق الأمور لانه ان كانت مدينة القيوان ومعالمها بالخصوص دينية فان البعض من سكانها مثل سكان الولايات الأخرى ليسوا اهل دين في سن وظروف معينة وهذا الشأن ادركه المستعمر حين انشا بها وبالقيروان أيضا ماخورا وسط المدينة وسمح ببيع الخمر بنقاط بيع وبالنزل والمطاعم السياحية خاصة وقد عهد الناس الامر على هذه الحال بعد الاستقلال . لقد غاب عن السلطة الحاكمة امر هام وهي لا تدرك من الأمور الا التافه منها وهو ان لكل مدينة او قرية في البلاد التونسية رجال شرفاء واولياء صالحين تعرف بهم وتوجد بها عائلات تنتمي لها عريقة في النسب مشهورة بحبها للدين ولها من الورع والتقى شان عظيم لا يمنع ان يوجود من بينهم من يشرب الخمر ويستهلك المخدر في سن معينة وظروف استثنائية . الم يعلم اولي الامر منا ان مواسم الحج هي بالنسبة للبعض مواسم لرؤية النساء والتحدث اليهن من قديم الزمان اولم يصل بهم تعليمهم ودراستهم الى ان الشاعر عمر ابن ابي ربيعة المولود بعد الهجرة بثلاث وعشرين سنة كان يلبس احسن ثيابه ويتعطر ويتنقل لرؤية الحاجات والتحدث اليهن وهو لا يرى في أيام الحج وهي احب الأيام لديه الا مناسبة للهو ومجالا للمتعة والناس وقتها على بينة من امره ولم تتدخل السلطة والله يتولى السرائر . وللاشادة بتسامح المسلمين فقد حفظ التاريخ اخبار شعراء اللهو والعبث والمجون وقصائد تمدح المحرم وتصف المنهي عنه من ذلك قول عمر ابن ربيعة عن طواف النساء اللآتي شبهنهن بالشمس وذكر نسبهن الكريم وطافت بها شمس عشاء ومن رآى من الناس شمسا بالعشاء تطوف أبو أمها اوفى قريش ب------ذمة واعمامها اما نسيت ثق-----يف وقول ابي نواس عن الخمر الا فاسقني خمرا وقل لي هي الخمر ولا تسقني سرا اذا امكن الجهر فعيش الفتى في سكرة بعد سك--رة ف-ان طال هذا عنده قصر الدهر وذفاعا عنها انشد دع عنك لومي فان اللوم اغراء وداوني بالتي كانت هي الداء صفراء لا تنزل الاحزان ساحتها لو مسها حجر مست--ه سراء لقد وجدت الخلاعة وشرب الخمر واستهلاك المخدرات الخفيفة تسامح حكام الإسلام تقديرا للنفس البشرية واحتراما لحقوق الانسان . كما ادركت السلطة ان ظاهرة شرب الخمر لا يمكن القضاء عليها لميل بعض الشبان لها جبلة في كل المجتمات وهي اقل ضرر من بعض المحرمات الأخرى والله غفور رحيم . اما اليوم فلا ينكر احد ان السلطة الحاكمة هي من الشعب وتعرف الشعب ومتيقنة ان ما يصدر عن البشر فيه الشر وفيه البر و تعتقد مع ذلك ان الحكم يسمح لها ارتكاب المحظور ومساءلة البشر عن اقترافه ومعاملتهم كانهم ملائكة لا بشر . ومن المؤكد ان الحكومة حين تمنع بيع الخمر في منطقة فانها تتسبب اما في ان تباع الخمر خلسة ودون رخصة وبثمن مرتفع واما ان يعمد من يتصيد الفرص الى ان تصنع الخمر او ما يعوضها محليا وفي المنازل دون التوقي من الخطر المهدد للصحة فتباع للشباب وقتها وباثمان فيها ما يقدر عليه . عندما قررت الحكومة منع بيع الخمر في ولاية القيروان لاسباب ارجعتها للدين تصبح بذلك مسؤولة دون شك عن فاجعة الكونوليا وعن الشباب الذي مات رغم انه توقيا من الموت لم يقدموا على " الحرقة " والهجرة على متن قوارب الموت او الالتحاق بمنظمة إرهابية وتنتهي حياته بانتشار اشلائه في المحيط الذي يفجر فيه حزامه الناسف بل اختار البقاء بجهته وبين اهله فاذا بحياته تنتهي عن عجل في فلجعة شغلت الراي العام في الداخل والخارج من اجل جسامة الاضرار الاحقة هذه المرة بالشباب البائس والعاطل عن العمل . لقد كشفت الفاجعة هشاشة واقع المنطقة التي تحتاج ابسط مرافق العيش ومنها الماء الصالح للشرب والكهرباء والفقر الذي عليه السكان الذين يتوقف رزقهم على حصاد الحلفاء التي تنبت بالجبال وبيعها . ان التسمم من اجل شرب الكحول ليس بالحدث النادر ولا الغريب عن سكان المناطق المهمشة وهو يقع كل أسبوع ان لم يكن يوميا وبكل الولايات لكن ليس بالحجم الذي حدثت به يوم عيد الفطر فاجعة الكونوليا . وان موت الشباب والكهول بسبب شرب الكحول اوالافراط في استهلاك المادة المخدرة يحدث منذ سنين خلت وبعد الثورة خاصة الا ان سبب الموت يبقى مخفيا ولا يعلن عليه . لقد كشف وباء الكورونا هشاشة المجتنع التونسي وكشفت فاجعة الكونوليا موقف الدولة التونسية من الخمر . موقف الدولة من الخمر لا جدال ان الدولة التي يقول عنها الدستور التونسي " الإسلام دينها " هي التي تنتج الخمر وتستقمرها وتبيعها للتونسيي مسلم اوكافرا . ان حدوث الوباء وحاجة الدولة الشديدة للمال لتجابه مصاريف حرب الكورونا وعلاج المصابين قد تنطبق عليه القاعدة الأصولية الماخوذة من قوله تعالى في الآية 119 من سورة الانعام ( وما لكم الا تاكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه ) . يستخلص من قاعدة الضرورة تبيح المحظور ان المحرمات وقع تفصيلها من القرآن وانها لا تصير حلالا الا عند الضرورة وعليه فان الضرورة قد تجيز للدولة موقتا بيع المحرمات وصرف ثمنها لصد الوباء وعلاج المرضى ودفن الموتى . من الثابت ان اكل الميتة حرام ولكن اكلها حلال عند المجاعة وان شرب الخمر حرام الا ان اساغة وتمريرير اللقمة بالخمر حلال لمن غص ولم يجد غيرها .ي ان لم يتغيرموقف السلطة من الخمر بعد الاستقلال فهل بقي موقف القانون منها على حاله ام لا ؟

7 * COVID -19 * 7

مجلة الاحوال الشخصية ومساهمتها أيام الوباء واضغاث الاغفاء الحلقة السابعة بقلم الهادي كرو لا ينكر احد ان مجلة الأحوال الشخصية تعتبر منذ صدورها في الداخل والخارج مكسبا للمرأة التونسية ومفخرة لها وقد حافظت على هذه الشهرة الكبيرة الى يوم الناس هذا وتعتبر لدى المنظمات الدولية والوطنية والجمعيات النسائية دستورا لا يعوض . ولقد كان لهذا الرأي تأثيرا سيئا على بعض الرجال الذين يعتبروا ان قوة النساء متأتية من المجلة وقد ضاعف هذا الشعور كل تنقيح يدخل على المجلة . الا ان تنقيح المجلة الرامي حسب صاحب مشروع قانونه الى الارتقاء بالمرأة هو في الحقيقة يحمل الرجل ما لا يستطيع تحمله ويجعل العاقل من الرجال يشعر بما قال عنه عمر بن الخطاب بعد الهجرة الى المدينة وهو يمزح " كنا معشر المهاجرين قوما نغلب نساءنا فإذا الأنصار قوم تغلبهم نساؤهم فاخذ نساؤنا يتأدبن بأدب نساء الأنصار " فان البعض الآخر من الرجال يرى ان المجلة مكنت المرأة من التطاول على الرجل وإيداعه في السجن ظلما . وفي حقيقة الامر فقد اثبتت الاحداث ان المجلة أصبحت قاصرة على مواكبة التطور الذي حققته المرأة المتعلمة لنفسها ولعائلتها وهو ليس بالأمر الغريب لان احكامها لم تؤخذ من القرآن وانما من الفقه الذي لا يقبل التطور ولا يصلح لكل زمن . من المؤكد ان العائلة المعنية باحكام مجلة الأحوال الشخصية هي العائلة التي رسمها الفقهاء لعصرهم ونالت رضا الجمهور وان الجديد في المجلة بالنسبة للرجل هو وجوب التفرد بالزوجة وبالنسبة للمرأة والرجل فان الطلاق لا يقع إلا لدى المحكمة وحق إيقاعه بيد الاثنين . وعلى هذا الأساس فان احكام المجلة تصلح لكل زمان على شرط ان تبقى المرأة ومثلها الرجل على الحال التي كان عليها الرجل والمرأة وقت صدور المجلة وعند نهاية الاستعمار أي منذ اربع وستين سنة خلت دون ان يكون قد طرا أي تطور على العائلة المعنية بأحكامها . لا بد من الاعتراف - أولا - ان الرأي السابق يتأسس على حقيقة تفيد ان الهيكل القانوني للعائلة يتكون من احكام تطبق على حياة العائلة بدءا من الخطبة باعتبارها تمهد لنشاتها بمجرد ابرام عقد الزواج وتستمر حتى انفصامه بالحياة او بالموت وتوزع وقتها أموال المتوفى على مستحقيه و - ثانيا- ان لاحكام المجلة هيكلا متداخلا يمنع التنقيح الذي يدخل على النظام القانوني للعائلة تغييرا جوهريا تفقد به توازنها عند وقوعه . وللوقوف على حقيقة هذا الراي لا بد من الرجوع الى جذورالمجلة ومصادرها . جذور احكام مجلة الأحوال الشخصية ومصادرها ؟ لا يمكن التسليم بما صرح به المشرع وقت صدور المجلة بان احكامها مأخوذة من الشريعة الإسلامية دون الوقوف على المفهوم المقصود من لفظ الشريعة الإسلامية. هل هو القرآن ام السنة ام الفقه ام الكل معا ؟ من المؤكد ان احكام المجلة مأخوذة من المذاهب الفقهية الكبرى وخاصة من المذهب المالكي . ومن المؤكد أيضا انه لو اخذت المجلة من احكام القرآن التي تفيد ان غرضه الاسمى هو اعتبار الناس سواء دون الأصول الأخرى لكان بإلامكان ان تواكب التطور وتكون صالحة لكل زمان وقادرة على مسايرة التطور. اما ان تكون احكام المجلة نقل لأراء فقهاء اولوا احكام القرآن الصريحة تأويلا تعسفيا مستندين الى حديث مشكوك في صحته كي تتفق مع اعراف الجاهلية التي يحنون اليه وبذلك اهمال ما يريد القرآن الوصول اليه تدريجيا . لذلك جاءت هذه المجلة صالحة للزمن الذي صدرت فيه وحتى تبقى صالحة لكل زمان لا بد ان يبقى الرجل والمرأة المعنيان بأحكامها على الحال التي كانا عليها وقت صدورها وهذا ما يفسر الآثار العكسية التي تترتب على تطبيق كل قانون يتولى تنقيح احكامها بما لا يتفق معها وما لا يتماشى مع مصادرها . المجلة والتشريع لقد سبق ان توليت تدريس مادتي التشريع الإسلامي وقانون العائلة باللغتين العربية والفرنسية لطلبة السنة الأولى والسنة الثالثة بكلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية بالمركب الجامعي بتونس ولسنوات عديدة جعلتني اتوقف عند السؤال المتعلق بانتماء مجلة الأحوال الشخصية للتشريع الإسلامي وأحاول الجواب . ان مجلة الأحوال الشخصية الصادرة بأمر الباي المؤرخ في 13 اوت 1956 هي قانون وضعي يطبق على العائلة ومستمدة في الواقع من المذاهب الفقهية وخاصة المذهب المالكي وهو قصد المشرع عندما اعلن وقت صدورها انها مأخوذة من التشريع الإسلامي . من المؤكد ان لفظ التشريع الإسلامي لا يعني احكام القرآن وحدها وإنما يعني رأي الفقهاء في امهات المسائل المستمد من القرآن والسنة والأصول المعتمدة في مذاهبهم . من المسلم به ان القرآن هو اصل من أصول التشريع يشتمل على ثلاثة اثلاث الثلث الأول يتعلق بالعبادات والثلث الثاني يتعلق بالقصص والثلث الثالث يتعلق بالمعاملات وهو الثلث والجزء الذي يهمنا والمتعلق بالمعاملات في القرآن الكريم . باب المعاملات وخصائصه لا جدال ان المعاملات تشمل الاحكام التي نزلت من اجل القضايا التي حدثت وقتها . فهي احكام نسبية في هذا المعنى وقطعية المصدر والدلالة في معناها العام . وتتأتى نسبية الاحكام من كونها تتعلق بأشخاص معينين وجدوا بالفعل وهي صحيحة المصدر قطعية الدلالة لها عند الاقتضاء قيمة القاعدة العامة . اما قطعية دلالتها فإنها تتأتى من انعدام الشك فيما تعنيه وهي لا تحتاج التأويل لوضوحها ومن المسلم به ان المعاملات في القرآن لا تشمل بحال كل الاحكام الازمة لمقتضيات الحياة داخل المجتمع وإنما هي تتعلق بمواضيع النوازل التي حدثت وقتها في المجتمع الإسلامي الأول . ومن المؤكد ان القرآن يشتمل على احكام نهائية وأحكام قابلة للتغيير حتى تبلغ الهدف المقصود مثل احكام الخمر بفضل طريقة النسخ والتدرج في الاحكام المتوخاة من القرآن الإشارة الى الحكم المراد بلوغه في النهاية مثل المساواة بين الرجل والمرأة . من الثابت ان احكام القرآن لقيت تأويلا من الفقهاء وتكييفا يتماشى مع مذهب كل واحد منهم وعلى هذا الأساس تحتوي المجلة على احكام ترجع للقرآن وللفقه دون تمييز بينها ولها نفس القيمة في المذاهب الفقهية حسب طبيعتها وهو موضوع الملحق الثاني المضاف للدراسة . الملحق الثاني طبيعة احكام مجلة الأحوال الشخصية

5 * COVID-19 * 5

المراة والقانون أيام الوباء واضغاث الاغفاء الحلقة السادسة بقلم الهادي كرو ان طلعة النساء الطبيبات بمختلف الاختصاصات وظهورهن في مراكز القيادة ومواطن مقاومة الوباء بشجاعة تعطي الحجة على قدرتهن على حسن تسيير الأمور الصعبة مثل الرجل ان لم يكن احسن منه وهو ما حول وجهتي فتساءلت دون تردد كيف وصلت المرأة الى رتبة تفوق رتبة الرجل أولا ؟ وهل ان مجلة الأحوال الشخصية صالحة للعائلة التي تنتمي اليها الطبيبة ومن هي في منزلتها في المهن والحرف الاخرى ؟ المرأة ووضعيتها الاجتماعية لم تجد المرأة المسلمة نفسها في مرتبة تساوي مرتبة الرجل سواء في الجاهلية او في تشريع بلادها بعد الإسلام . 1 - المرأة في الجاهلية وعهد الإسلام الأول كان فريق من العرب في الجاهلية لا يوّرث النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا وإنما يورث الرجال الكبار. وكان يقول لا يعطى المال إلاّ لمن قاتل على ظهور الخيل وحاز الغنيمة . وكان لتفعيل هذه القاعدة وتطبيقها تأثيرا سلبيا على مصير الارملة بصفة خاصة والمرأة بصفة عامة . والمؤكد أنه لم تكن للمرأة نفس القيمة عند العرب سواء في الجاهلية او في اول الإسلام . لقد ذكر الشيخ الطاهر ابن عاشور انه ثبت في الصحيح ان عمر بن الخطاب قال " كنا معشر المهاجرين قوما نغلب نساءنا فإذا الأنصار قوم تغلبهم نساؤهم فاخذ نساؤنا يتأدبن بأدب نساء الأنصار " . قيل ان النساء سألن الجهاد بقولهن وددنا ان الله جعل لنا الغزو فنصيب من الاجر ما يصيب الرجال فانزل الله تعالى ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض روي ان سبب نزول هذه الآية قول النساء " ليتنا استوينا مع الرجال في الميراث وشاركناهم في الغزو " وطبعا لم تقع الاستجابة للطلب وصار تفضيل الرجال على النساء عند الفقهاء حكما قطعيا وحقا مكتسبا للرجال على مر العصور والأجيال رغم ان ام المؤمنين ام سلمة كانت من بين النساء اللاتي تمنين ان تمكن النساء من الغزو مثل الرجال والجواب لم يكن نهائيا. المرأة في القرآن ان اعطت المبادئ العامة القرآنية للمرأة قيمة تساوي قيمة الرجل فان الاحكام التفصيلية تعطي الرجل عليها درجة . مبدأ المساواة 1 - ان الآية التي استهلت بها سورة النساء تضع المرأة بصفة مبدئية في مرتبة تساوي مرتبة الرجل . يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رحالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا . 2 – التفضيل خاص بنوازل واقعية ا – الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم ... ( الآية 34 من سورة النساء ب - لم يعرف تشريع العائلة الوضعي قاعدة تقر مساواة المرأة بالرجل وان كانت لها في الواقع قيمة تضاهي قيمة الرجل يضاف لها الاحترام في بعض الاوساط وعند بعض العائلات في كل العصور سندها التربية والأخلاق . من المؤكد ان موضوع المساواة بين الرجل والمرأة له إشارات صريحة في القرآن تفيد انه من مقاصده . والجدير بالملاحظة ان طلب المساواة المعروض على الرسول كان واقعيا ومعللا تعليلا مستساغا سنده تمكين النساء مثل الرجال من الجهاد وركوب الخيل والمشاركة في الغزوات والحروب . لا جدال انه لو وقعت الاستجابة لطلب النساء الرامي الى السماح لهن بالمشاركة في الحروب والغزوات لزال بذلك سبب تفضيل الرجال عليهن في ذلك الوقت وبزواله تصبح المراة مساوية للرجل . الا انه النساء بعد ان طلبن الجهاد قائلين وددنا ان الله جعل لنا الغزو فنصيب من الاجر ما يصيب الرجال فانزل الله تعالى الآية من سورة " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " وقد تأكد ان سبب نزول هذه الآية قول النساء " ليتنا استوينا مع الرجال في الميراث وشاركناهم في الغزو " وطبعا فان عدم الاستجابة للطلب صار امر التفضيل معه قاعدة قطعية عند الفقهاء وهي ميزة وحقا مكتسبا للرجال على مر العصور والأجيال رغم ان ام المؤمنين ام سلمة كانت من بين النساء اللاتي تمنين ان تمكن النساء من الغزو مثل الرجال وهذا يفيد ان طلب المساواة بين الرجل والمرأة يلقى المساندة من زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم . ومن المعلوم ان تفضيل الرجل على المرأة بقي قائما بعد انقضاء زمن الحروب وحلول زمن السلم لان السبب الحقيقي للتفضيل لم يكن شن الحروب والمشاركة فيها وانم الاجل ما تجلبه الحروب من سبايا وما توفره من غنائم تتجسم في النهاية في مقدارها من المال الذي يتحصل عليه المحارب ويعطيه القدرة على الانفاق على غيره . ومن اجل ذلك أصبحت النفقه من واجبات الذكر يدفعها لزوجته ولأولاده القصر ولوالديه وهي سبب تفضيله على المرأة طبقا لما ورد في الآية الكريمة عدد 34 من سورة النساء " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم " ان النفقة واجب يتحمله الرجال والزوج مفضل على زوجته لأنه ينفق عليها . وفي هذا المعنى ينص الفصل 23 من مجلة الاجوال الشخصية على ما يلي على الزوج أن يعامل زوجته بالمعروف ويتجنب الحاق الضرر بها وأن ينفق عليها وعلى أولاده منها على قدر حاله وحالها في عامة الشؤون المشمولة في حقيقة النفقة. والزوجة تسهام في الإنفاق على العائلة إن كان لها مال وعلى الزوجة أن ترعى زوجها باعتباره رئيس العائلة وتطيعه فيما يأمرها به في هذه الحقوق وتقوم بوجباتها الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة. لقد نقح القانون 74 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993 الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية وأصبح نصّه : " على كل واحد من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف ويحسن عشرته ويتجنب إلحاق الضرر به." ويقوم الزوجان بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة ويتعاونان على تسيير شؤون الأسرة وحسن تربية الأبناء وتصريف شؤونهم بما في ذلك التعليم والسفر والمعاملات المالية. وعلى الزوج بصفته رئيس العائلة أن ينفق على الزوجة والأبناء على قدر حاله وحالهم في نطاق مشمولات النفقة. قد يعدّ هذا الفصل ـ بحق ـ ميثاق الزوجية أو دستور الزوجين لما اشتمل عليه من بيان لحقوق كل منهما وواجباته، تلك الواجبات التي يرى فقه القضاء في السنين الأوائل لتطبيق الفصل 23 اثر بدء العمل بمجلة الأحوال الشخصية أنه لا يمكن بحال لعائلة أن تقوم بدورها في المجتمع بدونها. إذ أن المادة 23 من مجلة الأحوال الشخصية أناطت بعهدة كل واحد من الزوجين واجباته قبل الآخر تلك الواجبات التي لا فائدة ترجى من ورائها إن لم تكن متبادلة من الجانبين حتى يكتمل التضامن بين ركني العائلة. لقد اعطى الوباء الحجة على خلاف ذلك وعلى الاختلاف الحاصل بين الواقع والقانون . يعطي القانون للرجال درحة على النساء في حين ان الواقع يثنت ان قيمة المراة لا تقل عن قيهة الرجل بل تفوتها أحيانا . فكيف حققت المراة لنفسها المرتبة التي تحتلها اليوم في المجتمع التونسي ؟ باب العلم مفتوح للجميع لا ينكر احد انه توجد بين الرجل والمرأة اختلاف بالولادة يميز الأول بما يصنفه ذكرا ويميز الثانية بما يصنفها انثى . ولئن كان لكل واحد من الذكر والأنثى مؤهلات ينفرد بها ولا بد ان يشتركا في تفعيلها لتحقيق الهدف فان لهما مؤهلات تمكن كل واحد منهما بان يقوم بمفرده باي عمل يطلبه بمفرده والعلم بالخصوص . وبالفعل ان العلم ليس حكرا على الرجل دون المرأة ولا على السليم دون المعوق وطلبه جائز من المهد الى اللحد ووالسفر اليه محمود ولو الى الصين ( بعد زوال وباء الكورونة طبعا عن موطن انطلاقه وعن العالم كله . من المعلوم ان المرأة بصفة عامة لا تلقى الاحترام من بعض الرجال إلا في المجتمع المثقف ولا تكتسب التقدير في كل الأحوال إلا بالعلم الذي ادركته والبحث الذي قامت به والشهائد العليا التي تحصلت عليها . ولا بد من الاعتراف بالمناسبة ان السياسة التعليمية الوطنية لم تحد عن المنهاج الذي سطره لها الزعيم بورقيبة وبقيت تعامل التلاميذ والطلبة على حد السواء ولا فرق فيها من ناحية التكوين والدراسة بين الرجال والمرأة من الثابت ان الأطباء سواء كانوا رجالا او نساءا يتخرجون من نفس الكليات او من كليات بالمدن الداخلية تطبق نفس البرامج وتسلم نفس الشهائد عند التخرج . والملاحظ في السنين الأخيرة تفوق العنصر النسائي على الرجال من ناحية العدد والصبر والمثابرة على الدراسة والبحث والتكوين في المعاهد الثانوية والكليات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وكل الاختصاصات التي لم يبق فيها ميدان إلا وقصدته المرأة ولم يبق بذلك ميدان حكرا على الرجل . وبديهي ان تطرأ الاسئلة التالية ؟ ما هو الدور الذي لعبته مجلة الأحوال الشخصية في هذا المجال وهل ساهمت في ارتقاء المرأة وتعلمها ؟ هل ان احكام مجلة الأحوال الشخصية مؤهلة لمواكبة الظروف المعيشية والحياة العائلية للطبيبات اللاتي وقع اكتشافهن وهن يحاربن وباء الكورونة وللنساء اللاتي هن في منزلتهن ؟ كيف وصلت المرأة اليوم الى رتبة تجعلها تحتل القيادة لمواجهة حرب الوباء وتتولى قيادة الجيش الذي يضم الرجال والنساء والحال ان مجلة الأحوال الشخصية تضعها في مرتبة ادنى من مرتبة الرجل ؟ ما هي الطريقة التي مكنت المرأة من الارتقاء الى مرتبة الرجل وتتفوق عليه عند الشدائد وفي المواقف الحرجة لا جدال ان المجلة يعتبرها التونسي ذكرا كان او انثى انجازا عظيما وهي عنده مفخرة البلاد وتجسيم التطور الذي بلغته المرأة التونسية ولم تبلغه اي امرأة عربية أخرى . لا يمكن بحال اعتبار هذا الشعور غلطا او غرورا ان المتمعن في حقيقة احكام مجلة الأحوال الشخصية وطبيعتها لا يقبل هذا الرأي بسهولة ولا يقتنع به الاقتناع التام لان المجلة من أساسها هي نقل لأراء الفقهاء أصحاب المذاهب الكبرى وهي اقرب الى عادات الجاهلية من تعاليم الإسلام ومقاصد القرآن . لقد عزز هذا الشعور وقواه انتشار وباء الكورونة بالبلاد وما قام به الاطار الصحي بمختلف هيئاته لمجابهته وخاصة العنصر النسائي الامر الذي يجيز مثل التساءل . هل ان مجلة الأحوال الشخصية مؤهلة لضمان سير حياة الطبيبات الاسرية والنساء الاتي هن في مرتبتهن ؟ كيف ارتقت الطبيبات الى مرتبة فاقت مرتبة الأطباء من الرجال وهل ساهمت احكام مجلة الأحوال الشخصية في هذا الرقي وهل هي مؤهلة لمواكبة التطور الذي حققته الطبيبات والنساء الاتي بلغن مرتبتهن الاجتماعية ؟