dimanche 25 juillet 2021

جمهورية صناعة تونسية Republic Made in Tunisia بقلم الهادي كرو هذه الخواطر هي من وحي الذكرى 64 لعيد الجمهورية يوم 25 جويلية 2021 . ليس المقصود من العنوان " جمهورية صناعة تونسية " الإشهار لإنتاج وطني لا يتمنى احد ان يصدٌر لغير اهله ويبتلى به مجتمع آخر وإنما المقصود هو بيان ان موضوع الدراسة يتعلق ببضاعة محلية تتجسم في نظام الحكم الذي تخضع له البلاد بعد الإستقلال بإعتباره " جمهورية " رغم انه ليس جمهورية ولا هو نوع من أنواع الجمهورية التي تدرٌس في كليات الحقوق ضمن مادة القانون الدستوري . لقد اعلن المجلس التاسيسي قيام الجمهورية التونسية يوم 25 جويلية 1957 بالنص التالي بسم الله الرحمان الرحيم نحن نواب الأمة التونسية أعضاء المجلس القومي التأسيسي، بمقتضى ما لنا من نفوذ كامل مستمد من الشعب، وتدعيما لأركان استقلال الدولة وسيادة الشعب، وسيرا في طريق النظام الديمقراطي الذي هو وجهة المجلس في تسطير الدستور، نتخذ باسم الشعب القرار التالي النافذ المفعول حالا: أولا : نلغي النظام الملكي إلغاء تاما. ثانيا : نعلن أن تونس دولة جمهورية ثالثا : نكلف رئيس الحكومة السيد الحبيب بورقيبة بمهام رئاسة الدولة على حالها الحاضر ريثما يدخل الدستور في حيز التطبيق ونطلق عليه لقب رئيس الجمهورية التونسية. رابعا : نكلف الحكومة بتنفيذ هذا القرار وباتخاذ التدابير اللازمة لصيانة النظام الجمهوري كما نكلف كلا من رئيس المجلس، والأمين العام لمكتب المجلس والحكومة بإبلاغ هذا القرار إلى الخاص والعام. أصدرناه في قصر المجلس بباردو يوم الخميس على الساعة السادسة مساء في 26 ذي الحجة 1376 وفي 25 جويلية 1957 الإمضاء جلولي فارس لقد تولى رئاسة الجمهورية من يوم الإعلان عنها الى يمنا هذا ستة رؤساء وهم على التوالي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي ومحمد فؤاد المبزع والمنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي وقيس سعيد . وتعتبر السلطة الحاكمة الآن ان البلاد عرفت في الفترة المذكورة جمهوريتين إثنتين جمهورية أولى بدايتها يوم 25 جويلية 1957 ونهايتها يوم 24 جانفي 2011 وقد تولى رئاستها في ظل دستور 1959 الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي وجمهورية ثانية عمرها الآن عمر الثورة أي عشر سنوات تولى رئاستها الى حدٌ الآن في ظل دستور 2014 أربعة رؤساء وهم محمد فؤاد المبزع ومحمد المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي وقيس سعيد . القيمة القانونية للجمهورية المعلن عنها للوقوف على القيمة القانونية لهذه الجمهورية يتعين الرجوع الى ظروف الإعلان عن قيامها لأول مرة بعد الأستقلال . لقد تواصل العمل بعد إستقلال البلاد يوم 20 مارس 1956 بنظام الحكم المعمول به والذي يمارسه الباي وهو نظام ملكي وقد اصدر الباي الامر المؤرخ في 21 سبتمبر 1955 المتعلق بالنظام الوقتي للسلطات العمومية والمنقح بالامر المؤرخ في 3 اوت 1956 المتعلٌق بتنظيم السلط العمومية تنظيما موقتا . والمؤكد ان ابرز الاعمال السياسية التي تمٌ إنجازها في عهد الباي هو إحداث المجلس التاسيسي وإنتخابه . فبمقتضى الأمر الصادر عن الباي بتاريخ 29 ديسمبر 1955 المنشور بالرائد الرسمي المؤرخ في 30 ديسمبر 1955 وقع إستدعاء المجلس القومي التأسيسي ليوم الأحد 08 أفريل 1956 . ومن المؤكد ان يكون المجلس التأسيسي المنتخب مكلفا رسميا وبصفة قانونة بإعداد دستور يكرٌس نظام حكم الباي إلا ان هذا المجلس إنحرف عن مساره الدستوري واعلن قيام نظام حكم جديد يطيح بالباي ويقصيه عن الحكم . قيمة إعلان الجمهورية ما هي القيمة القانونية لهذا الإعلان وما هي طبيعة نظام الحكم الذي احدثه ؟ بعد ان وقع تنقيح الامر المؤرخ في 21 سبتمبر 1955 المتعلق بالنظام الوقتي للسلطات العمومية المنقح بالامر المؤرخ في 3 اوت 1956 المتعلٌق بتنظيم السلط العمومية تنظيما موقتا بالقانون عدد 1 لسنة 1957 المؤرخ في 29 جويلية 1957 المتعلق بتنظيم السلط العمومية تنظيما مؤقتا بعد الإعلان عن الجمهورية . الجمهورية وطبيعتها تعتبر جمهورية أولى الجمهورية التي اعلن المجلس التاسيسي يوم 25 جويلية 1957 عن قيامها والتي إنتهت مدتها بحصول الشغور لمنصب رئيس الجمهورية يوم 14 جانفي 2011 وهي نظام تقاسم الحكم فيه رئيسان إثنان الأول رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة والثاني رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي . وشاءت الاقدار أن يعيد التاريخ نفسه وتتكرٌر الاحداث وتكون ظروف بداية عهدهما ونهايتها هي نفس الظروف بالنسبة لرئيس الجمهورية الأول ورئيس الجهمورية الثاني . تراس الجمهورية الأولى على التوالي الحبيب بورقيبة بداية من اليوم الذي خلع فيه الباي أي يوم 25 جويلية 1957 وبقي رئيسا للجمهورية الى ان تمٌ خلعه من طرف زين العابدين بن علي يوم 07 نوفمبر 1987 وبقي رئيسا للجمهورية بعده الى ان خلع هو الآخر يوم 14 جانفي 2011 من طرف من لم يكشف عنه رسميا بعد الثورة . وهكذا يتضح الى هذا الحد ان الجمهورية يتولى رئاستها من يعمد خلع الرئيس السابق ولا يغادرها إلا مخلوعا . وهكذا فان الجمهورية " الأولى " لم تكن بالنسبة لمن تراسها شرعية في دورتها الأولى وإن كانت مشروعة ولو سبقت صدور الدستور الذي يضبط الحكم ويحدٌد الصلاحيات . نظام الحكم بعد الثورة يوم 14 جانفي 2011 قرر الرئيس زين العابدين بن علي ارسال عائلته الى السعودية لاداء العمرة ورافقهم الى المطار وتقرر في آخر لحظة ان يرافقهم الى جدة ثم يرجع على متن الطائرة التي تقرر بفعل فاعل رجوعها بدون الرئيس الى تونس وبقي بجدة لاسباب لم يكشف عنها رسميا وبعدها انطلق عهد الثورة. بشائر الثورة لئن كان من المفروض ان يشاهد الشعب التونسي بعد " هروب " رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي يوم 14 جانفي 2011 جنرالا من الجيش الوطني يتصدر شاشة التلفزة ويعلن نجاح الثورة وقيام الأنقلاب على نطام الحكم السابق فإذا بالشعب يشاهد على شاشة التلفزة الوطنية ثلاثة اشخاص معروفين لدى العامة والخاصة بإعتبارهم اعضاد رئيس الدولة الراحل وهم رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع ورئيس مجلس المستشارين عبد الله القلال ورئيس الوزراء محمد الغنوشي . والمؤكد ان الحال التي ظهر عليها الرؤساء الثلاثة تتسم بالخوف والحيرة والإرتباك وهم في ضعف متناهي عند الإعلان عن شغور منصب رئيس الجمهورية . إن ظهور الثالوث بعد رحيل رئيس الجمهورية يوم 14 جانفي 2011 يبعث على الإعتقاد ان الإنتفاضة أطاحت براس النظام وان الدولة ما زالت قائمة وهي تمسك بزمام الحكم بمعاضدة التجمع الدستوري ومساندته وان الامر يقتضي سدٌ الشغور الحاصل في هرم الدولة طبقا لما تقتضيه الفصل 56 من الدستور . لكن ما حدث في عهد رئيس الجمهورية الموقت امرا غريبا لا يقبله العقل السليم ولا يلقى له تفسيرا سوى ان المسؤولين في نظام الحكم السابق وفي حزب التجمع الدسنوري لا يعترفون للنظام بفضله عليهم . بعد ان إعلن الوزير الأول حالة التعذر الوقتي الحاصل لرئيس الجمهورية سمّى نفسه رئيسا للجمهورية . ومن الغد وبعد أن ثبت عدم وجود الأمر الذي يفوّض بمقتضاه رئيس الجمهورية الأصلي سلطاته الى الوزير الأول عندها خلع هذا الأخير جبّة رئاسة الجمهوريةالتي لبسها في الفترة المتراوحة بين 14 و 15 جانفي 2011 وألبسها رئيس مجلس النواب وذلك تطبيقا للفصل 57 من الدستور وبقي في منصبه وزيرا أولا الى ان قدم إستقالته . من الثابت أن رئيس مجلس النواب تولى مهام رئاسة الجمهورية بعد ان ثبت الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية تطبيقا للدستور الذي يقضي بأن يتولى موقتا رئيس مجلس النواب القيام بمهام رئاسة الجمهورية لأجل أدناه خمسة واربعون يوما وأقصاه ستون يوما . رئيس الجمهورية الموقت وتصرفاته الغريبة الغريب في الامر ان رئيس الجمهورية الموقٌت بدا مهامه بمبادرة لا تجد لها النفس البريئة تفسيرا تتمثل في مشروع قانون تقدٌم به إلى مجلس النواب ومجلس المستشارين ليتم التفويض له في إتخاذ المراسيم .. إن مشروع القانون يتعلق بالتفويض إلى رئيس الجمهورية الموقت في اتخاذ المراسيم وذلك في مجالات العفو العام وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والنظام الإنتخابي والصحافة وتنظيم الأحزاب السياسية. لقد ترآى للمجلس الدستوري أن مشروع القانون لا يتعارض مع الدستور وهو ملائم له ولا يثير أي إشكال دستوري حسب الرأي عدد 2 ـ 2011 للمجلس الدستوري وهو أمر غريب. بخصوص مشروع قانون المتعلق بالتفويض الى رئيس الجمهورية الموقت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 10 المؤرخ في 10 فيفري 2011 صحيفة 175 . لقد ثبت ان المبادرة تنطوي على خدعة لم يتفطن لها المشرع واضرت بالبلاد ضررا غير مسبوق ولا مثيل له إنهيار الدولة ؟ لقد اصدر رئيس الجمهورية الموقت بجراة غير معهودة لديه المرسوم عدد 14 لسنة 2011 المؤرخ في23 مارس 2011 المتعلق بالتنظيم الموقت للسلط العمومية وتولى بمقتضى الفصل التاني منه حل مجلس النواب مجلس المستشارينت المجلس الاقتصادي والإجتماعي المجلس الدستوري لقد تسبب هذا القانون في تدمير الدولة .اما حزب التجمع الدستوري الديمقراطي فقد تمٌ حلٌه بحكم قضائي صدر من المحكمة الإبتدائية بتونس يوم التاسع من شهر مارس 2011 وبذلك لم يبق للنظام السابق كيان ويحتاج الى التابين بعد ان غابت الدولة وعمت الفوضى وساد الدمار وانتشر الفقر منذ ما يزيد عن العشرة اعوام . تلك اذن هي الاحذاث المخضرمة التي سمحت الإنتقال من الجمهورية الأولى الى الجمهورية التانية وبها نصل الى احداث الجمهورية الثانية أي جمهورية الثورة .. جمهورية الثورة من الثابت ان تطبيق دستور 2014 يلاقي صعوبات مردٌها بالخصوص ان نظام الحكم الذي سنٌه لم تراع فيه طبيعة الشعب ومؤهلاته وإمكانيات البلاد ماديا وأدبيا وفد فاجا الشعب بنظام حكم غريب لا شرقي ولا غربي . بعد ان عرفت تونس نظاما جمهوريا يبين الدستور الصادر سنة 1959 صلاحيات السلطة التشريعية والسلطة التنفيدية بصفة واضحة لا تحناج التاويل فإذا بالثورة تعوٌضه بدستور 2014 . يقر هذا الدستور نظام حكم لجمهورية لا شرقية ولا غربية الفوضى تفيد الديمقراطية والعنف ممارسة لحرية التعبير . اما السلطة التنفيدية فهي موزعة بين رئيسين إثنين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ونفوذ الرئيس الأول مبتور ونفوذ الرئيس الثاني مطاطي يمكنه التارجح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وحسب المصلحة التي تبقيه في السلطة فهو ينحاز حسب الظروف والاهواء الى احدى السلطتين ويعززها بما يفقد الدولة توازنها لانه عند الإنحياز للسلطة التشريعية تبقى عندها السلطة التنفيذية مجسمة في رئيس جمهورية بصلاحيات غير فعالة . لقد تولى دستور 2014 إحداث مؤسسات عليا ومستقلة هي بمثابة الدوٌل وسط الدولة تعطل بعضها وتسبب إزدواجية المصالح وفي المآسي التي منها ما يلي . 1 - لقد غابت الدولة ودبٌ الخلاف بين الرؤساء وطفح على السطح نفوذ بعض الهيئات العليا المستقلة وهي بدعة دستور الجمهورية الثانية . 2 - إن الهيئات الحرة المستقلة هي عنوان بذخ في الدول الغنية اما بالنسبة لمن هو في عجزنا المالي فهي بمثابة الكساء الذي يتجاوز طوله طول ارجلنا فنتعثر من اجله ويعطل السير وهو عنوان الإزدواجية في المؤسسات العمومية وإختراقها الماذون به من الدستور. 3 – إن العبرة في الانتخابات ليست نزاهة العملية وشفافيتها وإنما العبرة في نتائجها . ان الانتخابات المرمية بالزور والتزييف اعطت البلاد رجالا وطنيين يعملون بامانة وإخلاص . 4 – لذا وحتى لا ينشغل المسؤول المنتخب طيلة الولاية التي انتخب لها بالدٌعاية لنفسه وبما يضمن إعادة انتخابه للولاية القادمة على حساب العمل لفائدة الوطن والمصلحة العامة لا بد ان يمنع الدستور والقانون الإنتخابي وكل القوانين الأخرى أمكانية الترشح لرئاسة الجمهورية ولمجلس النواب وكل مؤسسة عمومية لدورتين متواليتين . 5 - التظاهر حق والإضراب حق لكنه بدون اجر وإضراب القضاة وقوات الامن والديوانة يتمٌ بحمل ما يشير اليه . 7 - لا يمكن بحال الإستجابة لطلب الزيادة في الاجر للتوقي من الرٌشوة وضمان الإستقلالية لان الامر لا يتطلب سوى الرجولة . من المؤمل ان يتحاشى هذه النقائص دستور وقوانين الجمهورية . جمهورية صنعناها لا ننسى ان الجمهورية الاولى بداية ولايتها غدر ونهايتها خلع والجممهورية الثانية تسمع لحكامها المختفين جعجعة ولا ترى طحنا ياكله الشعب الجائع بشهادة الدول الأجنبية . الهادي كرو 4 commentaires